أقوى تلسكوب أوبتيكي في الشرق الأوسط يحتضنه المرصد الوطني الإيراني
ووفقا لقسم العلوم والتكنولوجيا في وكالة أنباء آنا، إن كنت من الذين يولون أهمية بعلم الفلك والتحليق بين النجوم والمعجبين بهذا العلم، فلابد لك حينها من التعرّف على رائد هذا العلم أبو ريحان البيروني، حيث يتم إحياء ذكرى هذا العالم الفلكي الإيراني الكبير في 4 سبتمبر من كل عام، وهو اليوم يُطلق عليه اليوم الوطني لعلم الفلك في تقويم الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لمن لا يعرفه رغم أن العديد من المواد المدرسية في جميع أنحاء العالم تتناول سيرة هذا العالم الكبير، البيروني هو أول عالم في الشرق ناقش حركة الأرض حول الشمس، ورصد الكسوف والخسوف، وتضاريس الكرة الأرضية جغرافيا، واقتراح نظرية وجود القارة الأمريكية، ومسار الضوء والصوت، وخط الطول وخط العرض وجهة القبلة في ايران، وكيفية تحديد القبلة ومساحة محراب المسجد من بين إنجازاته الأخرى أيضاً.
لا يخفى على أحد أهمية إنجازات هذا العالم الايراني، حيث بحث ورصد حالة كسوف الشمس في 8 أبريل 1019 م في جبال لغمان بأفغانستان الحالية، وأجرى أبحاثًا عن خسوف القمر في سبتمبر من نفس العام في غزنین. علاوة على ذلك، تمكّن من القيام بأنشطة علمية واسعة الأفق حيث قام بإدخال طرق قياس الأرض والمسافات عليها من خلال التثليث.
أما عن اليوم الذي خصّصته الجمهورية الإسلامية الايرانية لهذا العالم الكبير، بات هذا اليوم يعد اليوم الوطني لعلم الفلك وغدا ذريعة لإلقاء نظرة على آخر إنجازات الشباب والخبراء الإيرانيين في المشروع الوطني للمرصد الوطني الإيراني.
*لمحة على مراحل صنع المرصد الوطني الإيراني
في عام 1998 م إقترح الخبراء وكبار المسؤولين في البلاد بناء مرصد كبير للجمهورية الإسلامية الإيراني كمختبر علمي وطني ووافق عليه مجلس البحث العلمي، وعقب عام شرعت مرحلة تعيين الموقع الأنسب له في شكل مشروع بحث جامعي في البلاد.
بالتزامن مع تلك العملية البحثية التي كانت تجري بكافة الطاقات بشأن تحديد أفضل موقع للمرصد الوطني الايراني، وفي الأيام الأخيرة من عام 2003، تمت الموافقة على مشروع المرصد الوطني الإيراني من قبل الحكومة كمشروع علمي بميزانية مستقلة، إلاّ أن هذا المشروع تعثّر في ظلّ الحكومة التاسعة وتوقفت خطة بناء هذا المرصد، إلاّ أنه عاد الى الواجهة من جديد وبشكل واعد بعد أوامر سماحة قائد الثورة الإسلامية وطلبه في عام 2009 بتكميل المشروع، عقب ذلك بدأ تصميم المرصد وبنائه عمليا على الأرض، فيما يلي يمكنكم مشاهدة فيديو لمراحل بناء الهيكل والاختبارات الوظيفية لتلسكوب المرصد الوطني الإيراني:
*سطوع علم الفلك الإيراني من جديد في أفق جبل "كركش"
للعثور على أنسب موقع لهذا المرصد الفلكي طال البحث لمدّة عدة سنوات، وبعد قياس أكثر من 40 قمة جبلية في مناطق مختلفة من البلاد، وأخيراً تم اختيار منطقة "كامو" في كاشان باعتبارها القمة الأكثر ملاءمة لتشييد التلسكوبات الفلكية المهنية، ورغم سنوات من التأرجح بشأن بناء هذا المرصد الفلكي، رأى في نهاية المطاف النور على ارتفاع 3600 متر على جبل كركش في محافظة كاشان، ويقع بجوار 7 مراصد كبيرة أخرى في نصف الكرة الشمالي من الأرض لملء سلسلة مراقبة النجوم بين أوروبا وحتى الهند.
في نهاية المطاف وبعد جهود وميزانية ضخمة، جرى في يوم الاثنين 28 يوليو 2021 ، وفي الأيام الأخيرة للحكومة الثانية عشرة، تم تدشين مشروع المرصد الوطني الإيراني عبر الفيديو كونفرنس تحت رعاية الرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني، إلاّ أن مجريات المشروع انتهت عند هذا الحدّ، وجرى الافتتاح الدرامي والمبكر لهذا المرصد بينما لم تكن مرآة التلسكوب مثبتة بعد، الأمر الذي لاقى حملة من الرفض والإنتقادات داخل البلاد.
في أعقاب هذه التطورات، أوضح "حبيب خسروشاهي" مدير مشروع المرصد الوطني الإيراني عن الاستغلال العلمي لهذا المرصد: نتمنى أن نصل إلى مرحلة الاستغلال العلمي لهذا المرصد بنهاية عام 2022، بعد الاستغلال العلمي لبيانات صور الأجرام السماوية مثل المجرات وسيكون لدينا كل ما هو مهم لعلماء الفلك من سماء الليل في هذا المرصد الوطني الفريد من نوعه.
أما عن تلسكوب أو منظار هذا المرصد الوطني فهو يحتوي على تلسكوب بصري بقدر 90 طن (INO340) لهذا المرصد وهو مكون من 40 ألف قطعة، وتم تصميم جميع الأجزاء والمكونات الميكانيكية للتلسكوب والإشراف على إنشاء وتصميم وتنفيذ نظام التحكم في التلسكوب في البلاد من قبل فريق هندسي ايراني للمرصد الوطني الإيراني، في ما يلي يمكنك مشاهدة مقطع فيديو من تلسكوب 3/4 أمتار للمرصد الوطني الإيراني:
وعن مزايا وخصائص هذا التلسكوب فهو يتمتع بميزة عالية من حيث موقع المرآة وجودة الصورة ويعتبر من أفضل المواقع في العالم. قطر مرآة التلسكوب الرئيسية 340 سم (3.4 م) وسمكها 18 سم، وتزن هذه المرآة 4 أطنان ونعومة سطحها أقل من 2 نانومتر، ويتم التحكم فيها عن طريق نظام بصريات نشط مزود بـ 60 محور تشغيل.
في حين يتميّز بمجال رؤية يصل الى 20 دقيقة قوسية ولديه القدرة على كشف الأجرام السماوية بدقة 0.00005 درجة قوسية، ويبلغ ارتفاع قبة التلسكوب 24 مترًا وقطرها 16 مترًا، ويزن جزءها الدوار 250 طنا جرى تركيبها جميعها بخبرات ايرانية.