إنجاز بحثي إيراني يفتح الباب أمام جيل جديد من العلاجات النانوية المضادة للسرطان
05 December 2025 | 09:51
  • 31 October 2025 - 16:44

    إنجاز بحثي إيراني يفتح الباب أمام جيل جديد من العلاجات النانوية المضادة للسرطان

    ابتكر علماء إيرانيون تقنية نانوية جديدة تجعل الدواء "أذكى"، حيث يمكنه التكيّف مع بيئة الورم وتغيير شكله وشحنته ليصل إلى الخلايا السرطانية مباشرة، ما يزيد فعاليته ويقلل آثاره الجانبية.
    رمز الخبر : 8772

    أفادت وکالة آنا الإخباریة، نجح فريق من الباحثين الإيرانيين بالتعاون مع جامعة بريطانية في تصميم نواقل نانوية ذكية قادرة على تعديل حجمها وشحنتها السطحية تلقائيًا، ما يتيح لها اختراق الحاجز الورمي في الدماغ وإيصال الدواء الكيميائي دوكسوروبيسين (DOX) إلى أعماق النسيج السرطاني بفعالية عالية ودقة علاجية متقدمة.

    ويضمّ الفريق البحثي علماء من جامعة العلوم الطبية في طهران، ومعهد رويان للأبحاث الحيوية، وجامعة العلم والثقافة في إيران، إضافة إلى باحثين من جامعة دي مونتفورت في المملكة المتحدة. ويُعدّ هذا الإنجاز مثالًا بارزًا على التعاون العلمي الدولي في مجال تكنولوجيا النانو الطبية.

    حلّ مبتكر لأحد أعقد تحديات علاج الأورام

    تُعتبر محدودية اختراق الأدوية لأنسجة الورم من أكبر العقبات في علاج السرطان. فالكثير من الأدوية الكيميائية، رغم وصولها إلى موقع الورم، تفقد قدرتها على التغلغل في طبقاته الداخلية أو تتعطّل في البيئة الحمضية خارج الخلايا السرطانية. ومن هذا المنطلق، عمل الباحثون على تطوير ناقل نانوي يستطيع تكييف حجمه وشحنته مع الظروف البيئية لزيادة امتصاص الدواء وحمايته من التعطيل.

    ويتميّز الناقل النانوي الجديد بقدرته على الجمع بين التغلغل العميق داخل الورم والامتصاص الفعّال للخلايا السرطانية، وهما تحدّيان أساسيان في العلاج الكيميائي التقليدي.

    بنية ذكية قائمة على بولي أميدوأمين (PAMAM)

    استند تصميم هذه النواقل إلى دندريمرات بولي أميدوأمين (PAMAM)، وهي جزيئات شجرية متفرعة تم ربطها عبر روابط حساسة لمستوى الحموضة (pH) وتغليفها بطبقة من بوليثيلين غليكول (PEG) لتوفير استقرار بيولوجي أعلى.

    في الظروف الطبيعية ذات الحموضة المتعادلة (pH 7.4)، بلغ حجم الجسيمات حوالي 100 نانومتر بشحنة سطحية +0.75 ملي فولت، بينما تحوّلت في البيئة الحمضية المحيطة بالأورام (pH 6.5) إلى جزيئات أصغر حجمًا لا يتجاوز 15 نانومتر بشحنة موجبة بلغت +6.7 ملي فولت.

    هذا التغيير المزدوج في الحجم والشحنة مكّن النواقل من اختراق أعمق داخل الورم وتحقيق امتصاص خلوي مرتفع للدواء، إلى جانب حمايته من التعطيل في البيئة الحمضية خارج الخلايا.

    نتائج تجريبية مشجعة

    أظهرت التجارب الحيوانية التي أُجريت على فئران مصابة بورم 4T1 أن النواقل النانوية المطوّرة حققت نشاطًا مضادًا للورم قويًا مع أدنى مستويات السمية للأنسجة السليمة. كما ساهمت في تقليل مقاومة الخلايا السرطانية للأدوية من فئة الأنثراسيكلين، وهو ما يشكّل خطوة مهمة نحو زيادة فعالية العلاجات الكيميائية.

    وشدد الباحثون علی أن الجمع بين الاختبارات المخبرية الدقيقة والمحاكاة الجزيئية الحاسوبية ساعد في تحسين تصميم هذه النواقل وتحقيق أفضل تفاعل ممكن مع بيئة الورم.

    تعاون دولي يفتح آفاقًا علاجية جديدة

    يرى الفريق البحثي أن هذا الابتكار يمهّد لتطوير جيل جديد من الأدوية الموجّهة نانويًا، القادرة على استهداف الخلايا السرطانية بدقّة وتقليل الأضرار الجانبية التي تصيب الخلايا السليمة. كما أن خاصية تغيير الحجم والشحنة السطحية تُعدّ من المزايا الفريدة التي تعزز عمليات الاندوسيتوز وتزيد من كفاءة التوصيل العلاجي.

    ویشدد العلماء علی أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تشكّل أساسًا لتصميم نواقل دوائية مشابهة لعلاج أنواع مختلفة من السرطان، بفضل قابليتها العالية للتخصيص والتعديل وفق طبيعة الورم.

    نحو ثورة نانوية في علاج السرطان

    تُظهر النواقل النانوية المطوّرة من PAMAM قدرة كبيرة على إيصال دوكسوروبيسين إلى المناطق الداخلية للأورام مع الحفاظ على فعاليته، ما يجعلها بديلًا واعدًا للعلاجات التقليدية محدودة الاختراق.

    ويعتقد الباحثون أن هذا الاكتشاف العلمي سيُسهم في إطلاق مرحلة جديدة من العلاج النانوي الذكي، القائم على فهم الخصائص الفيزيولوجية الدقيقة للورم، بهدف تطوير علاجات أكثر استهدافًا وأقل سُمية.

    ويُعتبر هذا البحث إنجازًا علميًا يُبرز الدور الرائد للجامعات الإيرانية في مجال النانوتكنولوجيا الطبية، ويؤكد أهمية التعاون البحثي العابر للحدود في مواجهة الأمراض المعقدة مثل السرطان.

    إرسال تعليق