السويداء بين مطرقة الحرب وسندان الحصار: هل تتحوّل إلى غزة سورية؟
أفادت وکالة آنا الإخباریة، وقد دخلت الاشتباكات يومها الرابع، بين مجموعات مسلحة من أبناء المحافظة من جهة، وعناصر أمنية وعشائرية مرتبطة بالحكومة الانتقالية من جهة أخرى، وسط تصاعد وتيرة العنف وتحوّل مركز المدينة إلى ساحة معارك مباشرة، ما ضيّق الخناق على السكان العالقين، وعرقل محاولات النزوح نحو مناطق أكثر أمانًا.
ورغم نزوح العدد الأكبر من سكان المدينة مع بداية المواجهات، إلا أن ما يُقدّر بربع السكان اختاروا البقاء في منازلهم على أمل عودة الهدوء سريعًا، ليجدوا أنفسهم محاصرين تحت وابل من القنص ومعزولين عن الكهرباء والماء والاتصالات، وسط نداءات متكرّرة لتأمين ممرات إنسانية عاجلة.
وقال أحد السكان، عرّف عن نفسه بـ«أبو رأفت»، في تصريح صحفي:
"الوضع مأساوي للغاية. القناصة منتشرون في كل زاوية، والعصابات تنهب منازل المدنيين في وضح النهار. من تبقّى داخل المدينة لا يستطيع حتى التنقل داخل الحي الذي يقطنه".
ودعا إلى فتح ممرات آمنة تسمح للمدنيين بالخروج، متسائلًا بمرارة: "رغم كل سنوات الحرب، لم نتوقع أن تصل السويداء إلى هذا المصير المؤلم."
من جهتها، عبّرت "أم رامي"، وهي إحدى المواطنات الباقيات في المدينة، عن صدمتها من انعدام مقومات الحياة، قائلة:
"لا كهرباء، لا ماء، لا خبز. حتى أبسط المواد الغذائية أصبحت أمنية صعبة المنال. نحن محاصرون بالجوع والخوف في آنٍ واحد."
وأضافت أنها تخشى أن تصل الانتهاكات إلى أفراد أسرتها، لمجرد قرارهم البقاء في المدينة.
وفي سياق الانتهاكات المتواصلة، أُفيد بمقتل طبيبين وثلاثة أشقاء على يد القوات المهاجمة، في حين نقل موقع "السويداء 24" أن بعض أحياء المدينة، ومنها حي مساكن الخضر ومنطقة قرب كنيسة قنوات، شهدت اقتحامات وعمليات نهب منظمة للمنازل، فيما أُطلقت نداءات استغاثة متكررة من المدنيين.
كما شهد ريف السويداء الغربي موجات سلب ممنهج لمنازل المدنيين، مع خروج سيارات محملة بالممتلكات المنهوبة باتجاه مناطق اللجاة وريف درعا، في ظل غياب شبه كامل للدولة والقانون.
الأزمة تفاقمت مع توقف مستشفى المدينة عن العمل، وامتلاء الشوارع بالجثث، وانقطاع سبل الاتصال والخدمات الأساسية، في وقت تستمر فيه القوات في إغلاق الطريق الواصل بين دمشق والسويداء، ما يعزل المحافظة عن بقية مناطق البلاد.
ومع وصول المعارك إلى ريف السويداء الجنوبي، الذي لجأ إليه معظم النازحين، بدأت موجة نزوح جديدة باتجاه مناطق حدودية مع الأردن والجولان المحتل، حيث يضطر آلاف المدنيين لافتراش الأحراش الزراعية دون مأوى أو مساعدات، مهددين بانقطاع وشيك لكافة سبل الحياة، مع نفاد الوقود والطحين وشح المياه.
ودعا ناشطون محليون ومصادر إنسانية إلى فتح ممرات إنسانية عاجلة باتجاه دمشق أو الأردن، لإجلاء العائلات العالقة وتأمين وصول المساعدات، في ظل تحذيرات من انهيار إنساني شامل إذا استمرت العمليات العسكرية بهذا الشكل دون تدخل فوري.