علاج ثوري للصرع يستهدف شيخوخة الخلايا ويعزّز الذاكرة
أفادت وکالة آنا الإخباریة، توصل فريق بحثي في المركز الطبي بجامعة جورج تاون إلى نهج علاجي جديد لصرع الفص الصدغي، وهو أكثر أشكال الصرع المقاوم للأدوية شيوعًا، يعتمد على إزالة الخلايا الدماغية التي دخلت مرحلة الشيخوخة المبكرة. وأظهرت التجارب أن هذا الأسلوب يمكن أن يحسّن القدرات المعرفية ويخفف من حدة النوبات، بل وقد يمنع تطور الصرع كليًا في بعض الحالات، وفقًا لنتائج الدراسات على الفئران.
ويرتبط صرع الفص الصدغي بتكرار النوبات وتراجع الوظائف الإدراكية، كما يترافق مع شيخوخة مبكرة في خلايا الدماغ، ما يزيد من تعقيد علاجه. وقد ينجم هذا النوع من الصرع عن إصابات دماغية بسبب الصدمات أو السكتات الدماغية، أو التهابات مثل التهاب السحايا، إضافة إلى أورام الدماغ وتشوهات الأوعية الدموية والمتلازمات الوراثية.
وفي إطار الدراسة، حلّل الباحثون أنسجة دماغية أُزيلت جراحيًا من الفصوص الصدغية لمرضى مصابين بالصرع، ولاحظوا ارتفاعًا ملحوظًا في عدد خلايا الدبقية الهرِمة، بلغ خمسة أضعاف مقارنة بأنسجة أشخاص غير مصابين. وتُعرف هذه الخلايا بدورها الداعم للخلايا العصبية من دون أن تنتج إشارات كهربائية.
وبعد ذلك، انتقل الفريق إلى نموذج فئران يحاكي صرع الفص الصدغي، حيث رُصدت خلال الأسبوعين الأولين بعد الإصابة مؤشرات واضحة على شيخوخة الخلايا الدماغية، مشابهة لما وُجد في عينات المرضى البشر. واعتمد الباحثون إزالة هذه الخلايا، إما بوسائل وراثية أو عبر العلاج الدوائي، ما أدى إلى خفض نسبة الخلايا الهرِمة بنحو 50%، وتحسّن أداء الفئران في اختبارات المتاهة، إلى جانب تراجع شدة النوبات وحماية نحو ثلث الحيوانات من الإصابة بالصرع كليًا.
أما على المستوى الدوائي، فقد استخدم الباحثون مزيجًا من عقارين هما «داساتينيب»، وهو علاج موجه معتمد لبعض أنواع سرطان الدم، و«كيرسيتين»، وهو مركب نباتي يتمتع بخصائص مضادة للأكسدة والالتهاب. وكان هذا المزيج قد استُخدم سابقًا في إزالة الخلايا الهرِمة ضمن نماذج حيوانية أخرى، كما يخضع حاليًا لتجارب سريرية لعلاج أمراض متعددة، ما يفتح المجال للانتقال السريع إلى التجارب على البشر.
وأوضح باتريك أ. فورسيلي، الباحث الرئيسي وأستاذ علم الأدوية والفيزيولوجيا، أن هذا النوع من العلاج الخلوي قد يقلل الحاجة إلى التدخل الجراحي أو يحسّن نتائجه. وأضاف أن أبحاثًا أخرى جارية لاختبار أدوية مختلفة تؤثر في آليات الشيخوخة، إلى جانب دراسة نماذج قوارض متعددة للصرع، بهدف تحديد التوقيت الأمثل للتدخل وتحقيق علاجات فعالة سريريًا.
كما يواصل الفريق دراسة العلاقة بين شيخوخة خلايا الدبقية والأمراض التنكسية العصبية، مثل مرض ألزهايمر، وهو ما قد يفتح آفاقًا جديدة للبحث العلمي وتطوير علاجات مستقبلية واعدة.