الخرسانة النانوية… حلّ مبتكر لمواجهة تحديات الزلازل والبناء السريع
05 December 2025 | 15:44
  • الخرسانة النانوية… حلّ مبتكر لمواجهة تحديات الزلازل والبناء السريع

    أعلنت إحدى الشركات المعرفية عن تطوير خرسانة نانوية عالية المقاومة توفر أداءً ميكانيكياً متقدماً وتزيد من قدرة الهياكل على مواجهة الزلازل والعوامل البيئية.
    رمز الخبر : 8859

    أفادت وکالة آنا الإخباریة، نجح باحثون في إحدى الشركات المعرفية في تطوير خرسانة نانوية ذاتية الدمك عالية المقاومة، تتميّز بأداء ميكانيكي متفوق، ما يوفّر هياكل أكثر قدرة على مواجهة العوامل الجوية والهجمات الكيميائية والزلازل، مع الاحتفاظ بخفة الوزن وتقليل التكلفة.

    يشكّل تطوّر تقنيات النانو في قطاع البناء نقطة تحوّل مهمة في تحسين جودة المنشآت ومتانتها وسلامتها. فالخرسانة، التي تُعدّ أكثر مواد البناء استخداماً على مستوى العالم، تؤدي دوراً محورياً في استقرار الهياكل، وتحسين خصائصها الفيزيائية والكيميائية يُعدّ هدفاً دائماً للمهندسين والباحثين.

    ويُعدّ توظيف الجسيمات النانوية في الخرسانة ذاتية الدمك توجهاً هندسياً حديثاً يسهم في رفع مقاومتها الميكانيكية، وتقليل نفاذيتها، وتحسين تماسكها مع حديد التسليح، وزيادة العمر الخدمي للمنشآت.

    تحسينات ميكانيكية غير مسبوقة

    قدّم المهندس محمدجواد محمدي، أحد مديري الشركة، عرضاً تقنياً تناول فيه إنجازات المؤسسة في إنتاج خرسانة نانوية ذاتية الدمك عالية المقاومة. وأشار إلى نتائج دراسات أظهرت ارتفاعاً ملحوظاً في متانة الخرسانة وقدرتها على تحمّل الظروف القاسية عند استخدام الجسيمات النانوية.

    وأعلن أن الزيادة السكانية وتسارع وتيرة التمدّن والحاجة المتنامية إلى هياكل آمنة وطويلة الأمد، جعلت صناعة الخرسانة إحدى الركائز الرئيسة للابتكار والبحث العلمي. وفي السنوات الأخيرة، أثبتت تقنيات النانو فعاليتها في معالجة تحديات الخرسانة التقليدية، عبر تحسين بنيتها المجهرية وتقليل مساميتها، مما يؤدي إلى إنتاج خرسانة ذات مقاومة ومتانة فائقتين.

    وأشار إلی أن شركته تُعد من الجهات الرائدة في هذا المجال في إيران، باعتبارها أول مُنتِج محلي للخرسانة الجاهزة المعتمدة على تقنية النانو.

    مسيرة بحث وتطوير مستمرة منذ 1975

    وتطرّق محمدي إلى تاريخ الشركة، مشيراً إلى أنها تعمل منذ عام 1975 بالاعتماد على خبرة فنية متقدمة والتزام صارم بالمعايير الدولية والابتكار المستمر. وقد أفضت الجهود البحثية في السنوات الأخيرة إلى تطوير منتجات نانوية متقدمة استُخدمت في مشاريع وطنية كبرى.

    كما أشار إلی أبرز مشاريع الشركة، ومنها نفق نيايش وعدد من مشروعات المترو والمطارات، مؤكداً أن البحث والتطوير يمثل محور نشاط المؤسسة، وأن نتائج الدراسات تُترجم إلى مقالات علمية ومعايير فنية تُدرج ضمن اللوائح الرسمية، بما في ذلك "الكود الإيراني للخرسانة".

    مشاريع بحثية رائدة

    استعرض محمدي عدداً من الدراسات التي أنجزتها الشركة، مثل تأثير أسلوب المعالجة الأولية على المقاومة الانضغاطية للخرسانة، واستخدام الرماد المتطاير والزئوليت في الخرسانة الجاهزة، وتأثير جودة القوالب المكعبية على نتائج القوة الانضغاطية. وقد تحوّلت هذه الدراسات إلى منشورات علمية معتمدة في صياغة الضوابط الفنية الوطنية.

    معايير إنتاج خرسانة عالية الجودة

    وشدد محمدي علی أن إنتاج خرسانة جاهزة ذات جودة عالية يستلزم مراقبة دقيقة لجميع مراحل العملية، من اختيار الركام والأسمنت والمواد المضافة، إلى المعدات ووسائل النقل والخلاطات. وأشار إلى أن الشركة تنتج مجموعة واسعة من الخرسانات المتقدمة، منها: الخرسانة ذات الهطول العالي، ذاتية الدمك، الخرسانة النانوية، الخرسانة الملوّنة، الليفية، الجيوبوليمرية، الشفافة والخفيفة الوزن.

    خصائص الخرسانة النانوية ذاتية الدمك

    وأعلن محمدي أن الخرسانة النانوية ذاتية الدمك تتميّز بمتانة عالية، وقوة انضغاط وانثناء كبيرة، وبنية دقيقة محسّنة، وتماسك أفضل مع حديد التسليح. وتؤدي هذه الخصائص إلى هياكل أكثر مقاومة للعوامل الجوية والزلازل والمواد الكيميائية، مع تقليل الوزن وتحسين الجدوى الاقتصادية.

    وأضاف دمج الجسيمات النانوية في الخرسانة يساهم في تقليل أبعاد المكونات الإنشائية، وبالتالي تخفيف وزن المبنى وزيادة الاستفادة من المساحات، مما يجعلها خياراً مثالياً للمباني الشاهقة والمشاريع الخاصة.

    مواد نانوية لتعزيز الأداء

    وبيّن أن مكوّنات هذه الخرسانة تشمل مواد بوزولانية معدنية مثل السيليكا الدخانية والزئوليت بمقاييس نانوية، والتي يجب أن تتمتع بنشاط بوزولاني يفوق المعايير الدولية لضمان الأداء الأمثل. كما تُستخدم إضافات كيميائية نانوية مثل السيليكا الغروية أو بولي كربوكسيليت إيثر لتحسين الخصائص الريولوجية وزيادة كثافة الخرسانة.

    نتائج اختبارية تؤكد القفزة النوعية

    وبحسب نتائج الاختبارات، فإن الخرسانة النانوية ذاتية الدمك تُظهر تفوقاً كبيراً مقارنة بالخرسانة التقليدية، حيث سجّلت:

    مقاومة انضغاطية بعد 28 يوماً أعلى بـ 2.3 مرة

    مقاومة انثناء أعلى بـ 2.8 مرة

    مقاومة كهربائية خاصة أعلى بـ 5.6 مرة

    تماسك حديد التسليح مع الخرسانة أعلى بـ 2.2 مرة

    وهي نتائج تؤكد إمكانات هائلة لتقنيات النانو في تحسين الأداء الميكانيكي ومتانة الخرسانة.

    تحسين البنية المجهرية وإطالة العمر الخدمي

    وشدد محمدي علی أن تحسين البنية المجهرية وتقليل الفجوات الداخلية يمثلان أبرز مزايا استخدام الجسيمات النانوية، مضيفاً أن الخرسانة النانوية تتميّز ببنية انتقالية أكثر تماسكاً بين معجون الأسمنت والركام، ما يرفع مقاومتها للنفاذية ويطيل عمر الخدمة، ويقلل في الوقت نفسه من تكاليف الصيانة.

    رؤية مستقبلية قائمة على الابتكار

    واختتم محمدي قائلاً: إن هدف الشركة هو تطوير منتجات معرفية وتطبيق تقنيات حديثة لتحسين جودة البناء في البلاد، مشدداً على أن النانو يشكّل جسراً بين العلم والصناعة، وأن توظيف هذه التقنيات يمهّد للوصول إلى معايير عالمية في جودة الخرسانة.

    إرسال تعليق