زيارة غروسي لإيران هل ستدفع بالمفاوضات النووية قدما؟
أفادت وکالة آنا الإخباریة، الزيارة أتاحت فرصة لإيران والوكالة الدولية لتسوية بعض القضايا العالقة بينهما والتي لم يتم حلها بعد. من دون شك هناك تعاون متواصل بين الجانبين لكن المشكلة تكمن في دخول أطراف معادية على الخط أثبتت على الدوام من خلال سلوكياتها بأنها لاتستسيغ وجود تفاعل إيجابي بين طهران والوكالة الدولية وتعمل باستمرار لجعل الوكالة اداة بيدها تتحرك في نطاقها عبر أذرع لها داخل مجلس حكام الوكالة متوخية جملة من الأهداف أولها التشكيك بسلمية البرنامج النووي الإيراني السلمي ومحاولة استصدار قرارات أو انتقادات منها تتخذها جسرا لتمرير خططها ومبررا لمواصلة حظرها الجائر على الشعب الإيراني.
علاوة على ذلك إن هذه الأطراف تسعى للتقليل من أهمية تعاون إيران مع الوكالة والاحتفاظ بأدبياتها المدمرة للإبقاء على صورة النشاط النووي السلمي الإيراني ضبابيا أحيانا وقاتما أحيانا أخرى، في حين أن إيران مستمرة في هذا النهج وتعتمده خارطة طريق في مواصلة تعاونها مع الوكالة.
شهدت كل المفاوضات بين الوكالة وإيران تقدما كبيرا رغم بعض التباطؤ بسبب بعض الأمور لاسيما التشويش على هذا التعاون، علما أن الوكالة هي المرجعية الرئيسية للنظر في الأنشطة النووية في كل العالم لأنها قضية علمية وتقنية بحتة وليست سياسية.
هناك نص بيان ثنائي مشترك صدر في آذار/مارس الماضي يتضمن نقاطا إيجابية تعتبرها طهران خطا أساسيا إيجابيا يجب أن يستمر وتتوزع في شقين رئيسيين:
الأول: القضايا السابقة التي تم إغلاقها في إطار الاتفاق النووي تحت عنوان PMD، أو الأنشطة العسكرية السرية المشتبه بها والتي أثارتها تقارير وفبركات إسرائيلية وقد نوقشت هذه القضية مرات عديدة وردت إيران على جميع أسئلة الوكالة وتم فعلا إغلاق ملفين من أربعة ملفات وتطالب إيران اليوم بمعالجة الملفين المتبقيين بمعزل عن المسار الرئيسي للمحادثات الرئيسية.
الثان : يتعلق بالوضع الحالي واستحقاق إجراءات متبادلة ومنسقة لإزالة أوجه القصور وتحقيق التوقعات الموجودة في إطار الضمانات ومعاهدة حظر الانتشار النووي واعتبارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي إطار نفس البيان، وضع سلم أولويات للخطوات المستقبلية والتوقعات المتبادلة ودور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يتطلب أن یكون فعالا لإزالة العقبات التي هي سياسية بالدرجة الأولى.
من الأهمية بمكان أن تكون طهران والوكالة الدولية حذرة من الأعمال العدائية ضد البرنامج النووي والتي تمتد جذورها إلى الدعاية الإسرائيلية الخبيثة ويجب ألا تؤثر هذه البروباغاندا على التفاعلات الإيجابية بين الجانبين، وهذا الموضوع مهم للغاية لأن الکیان الصهيوني هو السبب الرئیسي والمروج لهذه الإيحاءات والمزاعم التي تثار في وسائل الإعلام.
في هذه المرحلة من الزمن، حيث ثبتت للعالم طبيعة هذا الکیان الزائف والإجرامي أكثر من أي وقت مضى، وتعاظم الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم، يجب أن ننتبه إلى حقيقة الزيف الإسرائيلي والسرديات الصهيونية المقيتة التي كانت على الدوام وراء الإجراءات المعادية لإيران حيث تقف الوكالة الدولية اليوم أمام هذا الاستحقاق لاستعادة مصداقيتها وإثبات مهنيتها وحرفيتها وهو وجوب أن تكون في حل عن السرديات الإسرائيلية وأن لاتعتمدها معايير في حكمها على حقيقة البرنامج النووي السلمي الإيراني.
خلال زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية "غروسي" أعيد التأكيد على ضرورة الفصل بين حقيقة البرنامج الإيراني وزيف الدعايات والفبركات الإسرائيلية حاضرا ومستقبلا والاستمرار بالخطوات الإيجابية وصولا إلى مستقبل مشرق بطريقة منسقة وتفاعلية.
منذ العام الماضي، وضعت إيران الوثيقة الاستراتيجية النووية الشاملة لمدة عشرين عاما على جدول الأعمال، وتعتمدها أساسا ثابتا لسياستها ومواقفها على صعيد الملف النووي.
ومن أحد المحاور المهمة في هذه الوثيقة التي أقرها البرلمان الإيراني هو إنتاج 20 ألف ميغاواط من الطاقة النووية في البلاد، والتي تلبي حوالي 22% من احتياجات البلاد من الكهرباء، والهدف الأهم في العام هو الوصول إلى مستوى الصفر من الكربون و مضاعفة قدرة الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050 وسوف تتحرك إيران وفقا لذلك.
يعد إنتاج المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية خطوة إيجابية للقطاع الصحي، فان قطاع الإشعاع هو الذي يساعد على إزالة ما تبقى من الآفات والسموم من المواد الزراعية.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تنسحب من خطة العمل المشترك الشاملة، وأمريكا هي التي انسحبت ولم تف بالتزاماتها ولم تسمح للآخرين بالوفاء بالتزاماتهم، واتبعت ثلاث دول أوروبية طريق أميركا وهذا هو الواقع المزري.
إيران ظلت في هذه الاتفاقیة عن حسن نية والتزمت بكافة تعهداتها من جانب واحد، رغم أنها اضطرت لخفض هذه الالتزامات بناء على المادة 26 من خطة العمل المشتركة الشاملة التي تعطيها الحق في ذلك.
قانون العمل الاستراتيجي الصادر عن مجلس الشوری الإسلامي هو أساس تصرفات وإجراءات إيران، والسيد غروسي على علم بهذه الاعتبارات والإطار القانوني. الزيارة يمكن أن توصف بالناجحة ومما يعكس هذا النجاح هو تصريحات مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول لزوم اتخاذ خطوات عملية لمواصلة التعاون بين إيران والوكالة، وقد قدم مقترحا لإيران في هذا الصدد.
البيان المشترك لإيران والوكالة منذ أكثر من عام يتضمن اتفاق تحديد المسار المستقبلي، وكل ما هو مطلوب لحل القضايا العالقة كما أنه يحدد الخطوات الإضافية التي يجب اتخاذها. واليوم يقول السيد غروسي: على الرغم من النواقص، فقد تم اتخاذ خطوات وما زالت محتويات هذه الوثيقة صالحة لكننا بحاجة إلى اتخاذ خطوات عملية، وقد قدمت اقتراحا لإيران، وتقوم فرق الأطراف بتحديد الخطوات التكميلية في اجتماع منفصل.