الانتخابات البرلمانية العراقية 2025... بين أزمة الثقة الشعبية وتحديات النفوذ الأجنبي
05 December 2025 | 15:09
  • 09 November 2025 - 11:40

    الانتخابات البرلمانية العراقية 2025... بين أزمة الثقة الشعبية وتحديات النفوذ الأجنبي

    تواجه الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق تحديات معقدة تمتد من ضعف المشاركة الشعبية إلى تأثيرات القوى الإقليمية والدولية، ما يجعلها واحدة من أكثر المحطات السياسية حساسية منذ عام 2003.
    رمز الخبر : 8817

    أفادت وکالة آنا الإخباریة، تستعدّ العراق لإجراء الدورة السادسة من الانتخابات البرلمانية في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 (20 آبان 1404)، بمشاركة أكثر من 21 مليون ناخب مؤهَّل، يتنافس فيهم أكثر من 9 آلاف مرشح ضمن 31 تحالفًا انتخابيًا على 329 مقعدًا في مجلس النواب.

    ويمتلك هذا المجلس صلاحيات محورية، أبرزها المصادقة على تشكيل الحكومة واختيار رئيس الجمهورية، ما يجعل نتائج الانتخابات حاسمة في تحديد ملامح السلطة والاستقرار السياسي في البلاد.

    شهد القانون الانتخابي العراقي تعديلات جوهرية في هذه الدورة، من بينها دمج عدد من الدوائر الانتخابية داخل المحافظات، واعتماد نظام «أعلى الأصوات» بدلًا من تحديد سقف أصوات لكل مقعد، وهو ما زاد من حدّة المنافسة بين التحالفات.

    وفي المشهد الحزبي، تتنافس قوى شيعية وكردية وسنية بارزة. فبين القوى الشيعية، تبرز تحالفات مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وائتلاف البناء والتنمية برئاسة محمد شياع السوداني، وائتلاف الصادقون المرتبط بحركة عصائب أهل الحق، إلى جانب قوائم أخرى.

    أما في الإقليم الكردي، فيبرز كلٌّ من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، إلى جانب أحزاب مثل الجيل الجديد، وحركة التغيير (كوران)، والاتحاد الإسلامي الكردستاني، وحزب العدالة الكردستاني.

    تشير الإحصاءات إلى تراجع نسبة مشاركة الأكراد في الانتخابات العراقية خلال العقدين الماضيين، حيث انخفضت نسب المشاركة وعدد المقاعد الكردية في البرلمان بين عامي 2005 و2025.

    ومن أبرز التطورات اللافتة في هذه الدورة، غياب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي أعلن مقاطعة الانتخابات وعدم ترشيح أعضائه، ما قد ينعكس سلبًا على مستوى المشاركة الشعبية وشرعية العملية الانتخابية.

    تواجه الانتخابات تحديًا أساسيًا يتمثل في انخفاض نسبة الإقبال الشعبي، إذ تراجعت من نحو 76٪ عام 2005 إلى قرابة 41٪ عام 2021، وسط مخاوف من استمرار هذا التراجع. ويرى خبراء أن ضعف أداء الحكومات السابقة في مكافحة الفساد، وتراجع الثقة العامة، والشعور بانعدام التأثير السياسي، من أبرز أسباب العزوف الانتخابي.

    تحاول السلطات العراقية طمأنة المواطنين بأن يوم الاقتراع سيجري في ظروف طبيعية دون فرض حظر شامل للتنقل، مع تنفيذ خطة أمنية خاصة بمشاركة مختلف الأجهزة. كما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن إجراءات رقابية مشددة، تشمل تركيب كاميرات مراقبة صوتية ومرئية داخل مراكز الاقتراع والالتزام الصارم بفترة الصمت الانتخابي.

    ورغم أن هذه التدابير تُعتبر خطوة إيجابية، إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة حول مدى تنفيذها فعليًا وضمان استقلالية العملية الانتخابية ومنع التلاعب بالنتائج.

    تعاني العراق في السنوات الأخيرة من تحديات أمنية واقتصادية وهيكلية، إلى جانب تأثيرات النفوذ الإقليمي والدولي. فوجود القوى المسلحة والنفوذ الخارجي – وخاصة من الولايات المتحدة – يضيف مزيدًا من التعقيد إلى مسار العملية الانتخابية.

    وفي ظل هذا الواقع، تُعدّ انتخابات 2025 اختبارًا حاسمًا لمستقبل الديمقراطية في العراق وفرصة لإعادة بناء الثقة الشعبية وترسيخ مؤسسات الدولة. نجاحها بمشاركة واسعة ونزاهة واضحة قد يمهد الطريق نحو الاستقرار وتقليص التوترات الطائفية والعرقية، بينما قد يؤدي الفشل في ذلك إلى تفاقم الأزمات السياسية وزيادة حالة الإحباط الشعبي.

    النتائج المتوقعة لهذه الانتخابات لن تؤثر فقط على تركيبة السلطة داخل العراق، بل ستمتد انعكاساتها إلى علاقات البلاد الإقليمية ودورها في التوازنات السياسية في المنطقة. لذلك، يشدد المراقبون علی أن احترام القانون، وضمان المنافسة الحرة، وتمكين المشاركة الشعبية الواسعة، هي المفاتيح الأساسية لاستعادة الثقة بالعملية السياسية في العراق، وربما لتحديد ملامح مستقبله القريب.

    سمیة خمارباقي

    إرسال تعليق