التهديد باستخدام السلاح النووي ضد غزة... اعتراف بالعجز أمام الصمود

أفادت وکالة آنا الإخباریة، هذا التصريح، الذي لا يمكن وصفه إلا بالسادي والمليء بالكراهية، يفضح عقلية ترى في القتل الجماعي وسيلة مشروعة لفرض الهيمنة. فبعد أكثر من 19 شهرًا من العدوان الإسرائيلي الذي أودى بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، وتدمير أكثر من 80% من قطاع غزة، لا يزال هذا النائب يطالب بإبادة من تبقى على قيد الحياة في بقعة لا تتجاوز مساحتها 360 كيلومترًا مربعًا.
فاين، الذي يجاهر بانتمائه الصهيوني، لم يكتفِ بتأييد جرائم الاحتلال، بل وجّه هجومًا عنصريًا مباشرًا ضد النائبة رشيدة طليب، متهمًا إياها بالإرهاب لمجرد تسليطها الضوء على كارثة المجاعة في غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي. كما احتفى علنًا بمقتل الناشطة الأمريكية آيشنور إيجي على يد قوات الاحتلال، وكتب عبر منصاته: "إرهابي مسلم واحد أقل. أطلِق النار!"، رغم أن الضحية مواطنة أمريكية.
تصريحات فاين ليست استثناءً، بل تأتي في سياق موجة من الدعوات المماثلة التي أطلقها نواب أمريكيون آخرون مثل تيم والبيرغ، وليندسي غراهام، فضلًا عن دعوات سابقة من وزير "التراث الإسرائيلي" عميحاي إلياهو لاستخدام السلاح النووي ضد غزة. جميع هذه التصريحات تجسد ذهنية استعمارية ترى في الإبادة الجماعية خيارًا سياسيًا، دون رادع قانوني أو أخلاقي.
أمام هذا الواقع، تُطرح تساؤلات مشروعة: إذا كان مسؤولون في "الديمقراطية الأكبر في العالم" يجاهرون بدعواتهم لإبادة شعب أعزل ومحاصر، أفلا يدفع هذا الآخرين للتفكير بامتلاك وسائل ردع تحميهم من هكذا تهديدات وجودية؟
الغريب أن هذه التصريحات، التي ترقى إلى التحريض على الإبادة الجماعية، تمرّ دون محاسبة، سواء داخل الولايات المتحدة أو في المحافل الدولية، ما يعزز شعورًا عامًا بأن القانون الدولي أصبح رهينة لموازين القوة، وأن منطق الغاب بات هو السائد.
ورغم بشاعة هذه التهديدات، فإنها تكشف في جوهرها عن حالة من الإرباك والعجز، بل والاعتراف غير المباشر بالهزيمة. فهل من المعقول أن يلجأ ممثلو "أقوى دولة في العالم"، وحلفاؤهم في "الجيش الذي لا يُقهر"، إلى التلويح بالخيار النووي بعد استخدام كل ترسانة الأسلحة المتطورة، وارتكاب مجازر راح ضحيتها أكثر من 176 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، وتهجير مئات الآلاف؟ أليس في ذلك دليل على فشلهم في كسر إرادة غزة، وعلى صمودها الأسطوري الذي أرعبهم أكثر من أي سلاح؟