الذكاء الاصطناعي يكسر حاجز قرن من الغموض العلمي
30 April 2025 - 15:17

الذكاء الاصطناعي يكسر حاجز قرن من الغموض العلمي

في إنجاز علمي غير مسبوق، تمكّن باحثون في جامعة كولومبيا من فكّ لغز عمره أكثر من مئة عام، عبر خوارزمية ذكاء اصطناعي متقدمة، ما يفتح الباب أمام طفرة نوعية في فهم المواد النانوية وتطبيقاتها.
رمز الخبر : 7756

أفادت وکالة آنا الإخباریة، تمكن باحثو كلية الهندسة في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك من تحديد البنية الذرية الدقيقة لما يُعرف بالبلورات النانوية، وهي جسيمات مجهرية تُستخدم على نطاق واسع في تصنيع الإلكترونيات، تطوير مواد مبتكرة، وحتى تحليل القطع الأثرية في علم الآثار.

وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في أن صِغر حجم هذه البلورات وعدم انتظام ترتيبها الذري جعلا من المستحيل تقريباً تحليلها عبر التقنيات التقليدية مثل حيود الأشعة السينية، والتي تتطلب بلورات كبيرة ومرتبة لإنتاج أنماط حيود قابلة للفهم.

ولمواجهة هذا التحدي، طور الفريق البحثي خوارزمية ذكاء اصطناعي أطلقوا عليها اسم PXRDnet، تم تدريبها على عشرات الآلاف من أنماط البلورات المعروفة. ورغم أن هذه البيانات لا ترتبط مباشرة بالبلورات النانوية قيد الدراسة، فإن الخوارزمية استطاعت أن تتعلم الأنماط الذرية المحتملة وتفكك البنية الغامضة لهذه المواد، وهو ما اعتُبر قفزة نوعية في هذا المجال.

وقال البروفيسور سيمون بيلينغ، أستاذ علوم المواد والفيزياء التطبيقية في جامعة كولومبيا: "استطاع الذكاء الاصطناعي أن يحلّ مشكلة استعصت على العلماء لعقود، من خلال استقراء الأنماط الطبيعية لترتيب الذرات دون الاعتماد المباشر على نماذج فيزيائية تقليدية."

وأظهرت خوارزمية PXRDnet قدرتها على تحليل أنماط حيود معقّدة ناتجة عن بلورات لا يتجاوز حجمها 10 أنغستروم – أي أرقّ بنحو عشرة آلاف مرة من شعرة الإنسان – ما يوفر للعلماء رؤية دقيقة وغير مسبوقة على المستوى الذري. ويمثل هذا التحليل الدقيق فتحاً كبيراً في علم المواد، لأنه يغني عن الحاجة إلى أدوات معقدة ومكلفة، ويوفر إمكانية دراسة مواد نانوية لم يكن تحليلها متاحاً سابقاً.

من جانبه، قال قائد الفريق البحثي غابي غو: عندما كنت في المدرسة، كانت خوارزميات الذكاء الاصطناعي بالكاد تفرّق بين صورة قطة وكلب. واليوم نحن نستخدمها لحلّ ألغاز علمية استعصت على أذكى العقول لعقود."

في السياق ذاته، اعتبر البروفيسور هود ليبسون، رئيس قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة كولومبيا، أن ما جرى يمثل لحظة مفصلية في العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي، قائلاً: "المثير في الأمر أن الذكاء الاصطناعي، رغم افتقاره للمعرفة الفيزيائية الفعلية، استطاع حلّ مسألة كانت خارج نطاق إمكانيات البشر لعقود طويلة. وهذا يُظهر الإمكانات الهائلة لهذه التقنية في ميادين علمية أخرى."

هذا التطور قد يُحدث ثورة في عدد من القطاعات، من بينها صناعة الأدوية، تطوير البطاريات، الطاقة المتجددة، وحتى علوم الفضاء، حيث تعتمد الكثير من هذه التطبيقات على فهم دقيق للمواد على المستوى الذري.

وبحسب الخبراء، فإن هذه المنهجية الجديدة قد تُصبح أساساً لنماذج تحليلية مستقبلية تُستخدم في فك شيفرة مواد معقدة أخرى لم تتمكن الأدوات التقليدية من التعامل معها حتى الآن.

إرسال تعليق