تطوير نهج غير تقليدي في علاج السرطان
أفادت وکالة آنا الإخباریة، وتبرز النتائج التي نشرتها مجلة Science Advances كيف يمكن لهذا الأسلوب التجريبي أن يحدث تحولا في مشهد العلاجات المناعية، حيث أظهر فعالية كبيرة ضد أنواع متعددة من الأورام في الدراسات الأولية.
وتركز التقنية الجديدة على استهداف مستقبل معين على الخلايا السرطانية يُعرف باسم DR5 (مستقبل الموت 5)، والذي يلعب دورا حاسما في علاج السرطان. وعند تنشيطه، يحفز هذا المستقبل عملية "الاستماتة" (موت الخلايا المبرمج)، ما يؤدي إلى تدمير الخلايا السرطانية ذاتيا.
وعلى مدى أكثر من 20 عاما، حاول العلماء تطوير علاجات فعالة تستهدف مستقبل DR5، لكن الطريقة الجديدة باستخدام الحويصلات خارج الخلية الصغيرة (sEV) تفوقت على الأساليب السابقة، بما في ذلك الأجسام المضادة التي تستهدف DR5، والتي كانت تعد المعيار الذهبي في هذا المجال.
وقال الدكتور شياوي جورج شو، أستاذ علم الأمراض والطب المخبري في جامعة بنسلفانيا: "نحن متحمسون لإمكانات هذه الاستراتيجية الجديدة. النتائج ما قبل السريرية واعدة، ونحن حريصون على الانتقال إلى التجارب السريرية البشرية".
ويعد مستقبل DR5 هدفا مثاليا لأنه صمم بيولوجيا للقضاء على الخلايا التالفة أو الخبيثة. ومع ذلك، فشلت العلاجات الحالية التي تستهدفه في السيطرة على تطور الأورام بشكل كاف.
ولتعزيز فعالية العلاج، لجأ فريق الدكتور شو إلى الحويصلات خارج الخلية الصغيرة (sEV)، وهي كبسولات طبيعية تنتجها جميع خلايا الجسم وتحمل رسائل مهمة إلى الأنسجة المحيطة.
وفي هذه الدراسة، استخدم الفريق حويصلات مشتقة من خلايا "القاتل الطبيعي" (NK cells)، وهي نوع من الخلايا المناعية المعروفة بقدرتها على مكافحة السرطان.
وقام الفريق بتعديل هذه الحويصلات هندسيا لتحمل جزءا من جسم مضاد يمكنه الارتباط بمستقبل DR5 وتنشيطه، ما يمكنها من استهداف الخلايا السرطانية التي تعبر عن DR5 بفعالية عالية، بما في ذلك خلايا سرطانات الجلد (الميلانوما) والكبد والمبيض.
وفي الاختبارات المعملية، أظهرت الحويصلات المعدلة قدرة ملحوظة على استهداف الخلايا السرطانية الإيجابية لمستقبل DR5، ما أدى إلى انخفاض كبير في حجم الأورام.
وخلال التجارب التي أجريت على نماذج حيوانية لأورام الجلد والثدي والكبد، قمعت هذه الحويصلات نمو الأورام وطالت مدة بقاء الحيوانات على قيد الحياة مقارنة بالعلاجات التقليدية التي تستخدم الأجسام المضادة.
واكتشف فريق الدكتور شو أن الحويصلات خارج الخلية الصغيرة (sEV) تتمتع بفوائد إضافية، حيث يمكنها مهاجمة الخلايا الليفية المرتبطة بالسرطان وخلايا القمع المشتقة من النخاع العظمي، وكلاهما يساهم في خلق بيئة مثبطة للمناعة تسمح للأورام بالنمو. وعلاوة على ذلك، تحفز هذه الحويصلات الخلايا التائية (T cells)، ما يعزز الاستجابة المناعية ضد السرطان.
وإحدى المزايا الرئيسية لهذا النهج هي سهولة تصنيع وتخزين الحويصلات خارج الخلية الصغيرة، ما قد يتيح علاجا "جاهزا للاستخدام" دون الحاجة إلى استخراج خلايا من كل مريض على حدة، كما هو الحال في بعض العلاجات المناعية الحالية.
ويخطط فريق الدكتور شو لتحسين عملية الإنتاج لإنشاء حويصلات خارج الخلية صالحة للاستخدام السريري، وإجراء دراسات السلامة استعدادا للتجارب البشرية المستقبلية.
ويُعتقد أن لهذا البحث إمكانات كبيرة لإحداث ثورة في علاج السرطان، خاصة للمرضى الذين يواجهون أشكالا عدوانية من المرض ويعانون من أورام صلبة يصعب علاجها بالطرق الحالية.