11 سبتمبر .. العراق وافغانستان ضحايا لتصفية الحسابات الأمريكية
لم تشرق شمس الأربعاء إلا وبرج التجارة العالمي يتحول أجزاء كثيرة منه إلى ركام، لكنه مع مرور السنوات عاد مجددًا وتمت إعادة بنائه، لكن الدول التي هاجمتها أمريكا بعد هذا التاريخ، بقيت أحد ضحايا انهياره، فالعراق ومعه افغانستان لم يعرفوا بعد معنى الاستقرار رغم مرور كل هذه السنوات، التي تجاوزت العقدين من الزمن.
بعد أقل من شهر من هجوم 11 سبتمبر "المثير للجدل" بدأ الغزو الأمريكي لأفغانستان بمساعدة "الناتو" لإسقاط "إمارة افغانستان" التي كانت تحكمها طالبان بحجة حرمان "القاعدة" -التي دعمتها امريكا في الاصل سابقا ضد الاتحاد السوفييتي- من ملجأ آمن لعملياتها، وبعد نحو عام ونصف العام غزت القوات الأمريكية العراق بدءا من مارس عام 2003 تحت مزاعم وجود أسلحة دمار شامل مع تبريرٍ آخر هو النيل من مرتكبي أحداث 11 سبتمبر، رغم تأكيد بعثة التفتيش الدولية التابعة لوكالة الطاقة الذرية الأممية خلو العراق من هذه الأسلحة، وبدأ الغزو أواخر مارس عام 2003، بمشاركة من القوات الأمريكية والبريطانية معا، إضافة إلى مشاركة رمزية من القوات البولندية والأسترالية، وأدت تلك العملية إلى سقوط بغداد في التاسع من أبريل من العام ذاته، وقد استمر التواجد الأمريكي في العراق حتى عام 2011.
ودون الخوض في مزيد من التفاصيل عن الحربين اللتين شنتهما أمريكا على البلدين، فإن خسائر هاتين الحربين، كانت أكبر خسائر بشرية من المدنيين في تاريخ العراق وأفغانستان وفي تاريخ حروب الجيش الأمريكي منذ عدة عقود.
الخسائر البشرية في الحرب على العراق (وحدها) من قبل المدنيين، الذين تم توثيقهم رسميا وصل إلى 109 آلاف من القتلى، كما يوجد ما بين 47 ألف قتيل و52 ألف قتيل عراقي دون شهادة وفاة موثقة، وطبقا لإحصائية حديثة في 2017، بلغ عدد ضحايا الغزو الأمريكي للعراق ما بين 180 ألف قتيل إلى مائتي ألف قتيل، وهو رقم هائل هذا اذا لم نضف له من ماتوا بأسباب غير مباشرة كنشر العنف والانفلات الامني الذي استخدمته امريكا لإشعال حرب أهلية في العراق يشغل سكانه عن محاربة المحتل الامريكي.
وظل العراق يعاني جراء تلك الحرب المدمرة رغم رحيل القوات الأمريكية عن العراق في 2011، فما لبث أن ظهر تنظيم "داعش" الوهابي على السطح وبتآمر أمريكي وغربي لإسقاط العراق وسوريا، حيث سيطر التنظيم الارهابي على أجزاء كبيرة من العراق، وخاصة في الموصل، التي اتخذها عاصمة له وتمدد منها الى مناطق في سوريا.
ويقدر عدد المدنيين الذين كانوا ضحايا للحرب ضد تنظيم داعش في العراق وحدها أكثر من 67 ألف مدني وفق تقديرات عراقية والعدد ذاته في سوريا ايضا، بينما بلغ عدد القتلى ما يقارب 30 ألف مدني خلال الفترة ما بين 2014 إلى 2017، وقت اشتداد المعارك ضد داعش، وفقا لإحصائية رسمية من الأمم المتحدة.
امريكا دمرت العراق وما زالت الى الآن لا تسمح له بالنهوض وتسرق خيراته، كما انها دمرت افغانستان فبعد 20 عام من الاحتلال خرجت امريكا من افغانستان دون ان تترك له دولة او جيشا او حتى ميزانية وعاد حكم طالبان كما كان قبل الغزو، واليوم تدمر امريكا سوريا بحجة محاربة "داعش" وتسرق نفطها وتحرم شعبها من قمحه وخيرات بلاده.
امريكا أحرقت العديد من البلدان بحجة احداث 11 سبتمبر، وهي اليوم مازالت تحرق المزيد من البلدان بحجة محاربة "داعش"، ومؤخرا انتقلت لحرق بلدان جديدة عبر نهج حروب الوكالة، فقط لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية، وأكبر مثال على هذا "اوكرانيا" التي تخوض حربا بالنيابة عنها وعن اوروبا ضد روسيا، ومثلها ستكون تايوان وكوريا الجنوبية واليابان في حربها لاقتصادية وربما العسكرية مستقبلا ضد الصين.
مصدر العالم