بايدن ونتنياهو.. وحقيقة العلاقة "المتأزمة"
أفادت وکالة آنا الإخباریة، وفي الوقت الذي يعلن نتنياهو إنه سيسمح بضم الضفة دون إعلان رسمي. وفي الوقت الذي يرفض وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لقاء الفلسطينيين حتى للتنسيق الأمني. نرى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، يعلن عن "تطلع امريكا" للعمل مع حكومة نتنياهو، لـ"تعزيز السلام والأمن والازدهار في المنطقة"!
قبل بلينكن، كان رئيسه جو بايدن، هنأ نتنياهو بتشكيله الحكومة، وقال :"إنه يتطلع إلى التعاون مع نتنياهو الذي ربطته به صداقة على مدار عقود"، لماذا؟، من اجل " التصدي معا للتحديات العديدة التي تواجه إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط بما في ذلك التهديدات من جانب إيران"!!.
لا نعتقد اننا سنضيف معلومة جديدة، اذا قلنا ان " السلام والأمن والازدهار في المنطقة"، الذي تقصده امريكا وتعمل على"تعزيزه" في المنطقة، هو "امن وازدهار" "اسرائيل" حصرا. كما ان "التحديات" التي تقصدها امريكا والتي "تواجهها المنطقة"، هي "التحديات" التي تواجهها "اسرائيل" حصرا، فامريكا وكما يبدو من ردود فعل بلينكن وبايدن وباقي المسؤولين الامريكيين، على تشكيل "العصابة الصهيونية" بزعامة نتنياهو، والمعروفة بـ"الحكومة الاسرائيلية"، والتي تضم عتاة الارهابيين والمتطرفين والعنصريين، لا يهمها أمن ولا ازدهار المنطقة، ولا حتى امن وازدهار، الدول التي ترى نفسها "حليفة" لامريكا، من دول عرب التطبيع، فأمريكا على استعدد للتضحية بالجميع من اجل "اسرائيل"، واللافت انها لا تُخفي ذلك، بل تعلن عنها وبصرحة، بمناسبة او بدونها.
لا ندري كيف يمكن لبلينكن ان "يتطلع للعمل من اجل السلام"، مع حكومة تعلن وبصريح العبارة انها ستقوم بطرد الفلسطينيين من ارضهم وهدم منازلهم، ليس من قبل من يوصفون بالمتطرفين فيها مثل حزب "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموتريتش وحزب "القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير، فحسب بل من قبل حزب الليكود بزعامة نتانياهو ايضا، الذي اعلن في بيان صدر عنه يوم الاربعاء الماضي، ان الحكومة ستواصل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة؟!.
الامريكيون يعلمون جيدا، ان نتنياهو قدم تنازلات كبيرة لليمين المتشدد، وأطلق أيديهم للعمل بحرية، في ملف المستوطنات، على أمل أن يحصل على حصانة قضائية أو إلغاء محاكمته بتهم فساد، الامر الذي اعتبره تيار "الصهيونية الدينية"، فرصة العمر لتنفيذ مخططاته لضم الضفة الغربية، وتهجير الفلسطينيين، وتهويد القدس، وهدم المسجد الاقصى، إلا ان الامريكيين، يغضون الطرف عن كل ذلك، ويحاولون الظهور بمظهر المضطر، للتعاون مع هذه الحكومة العصابة، كما جاء في تهنئة بايدن لنتنياهو.
كلام بايدن عن ايران، ودعوته حكومة نتنياهو للتصدي المشترك لها، يعتبر الكلام "الصادق" الوحيد في بيان بايدن، وكل ما قيل عن "دعم حل الدولتين ومعارضة السياسات التي تعرض للخطر قابلية هذا الحل للحياة"، ليس سوى ذر للرماد في العيون، فإدارة بايدن، اكثر صهيونية من إدارة ترامب، باعتراف بايدن نفسه، وكما انه لم ينقض اي قرار اتخذه ترامب حول "اسرائيل"، كقرار الاعترف بالقدس عاصمة "اسرائيل"، ونقل السفارة الامريكية الى القدس، فالتجربة التاريخية اثبتت، ان الحزبين الديمقراطي والجمهوري مهما تقاسما الادوار، ازاء القضايا الدولية المختلفة، الا انهما يتنافسان على خدمة "اسرائيل"، لانها ببساطة قاعدة عسكرية امريكية في قلب العالم الاسلامي، وهذه الخدمة لا تتاثر، بتغيير من يتولون "المسؤولية" في هذه القاعدة، والتجربة التاريخية على مدى العقود السبعة الماضية، خير دليل على ذلك.