الذكاء الاصطناعي وصنع القرار في السياسة الخارجية.. ما له وما عليه

ووفقاً لوكالة أنباء آنا، في السنوات الأخيرة، ومع تزايد نمو البيانات وتعقيد عملية صنع القرار الدولي، كان صناع السياسات يبحثون عن طرق لتحسين قراراتهم. تقليديا، اعتمدت هذه القرارات على خبرة ومعرفة وتحليل الخبراء؛ لكن الزيادة في حجم المعلومات وسرعة التطورات العالمية زادت من الحاجة إلى أدوات جديدة.
وفي غضون ذلك، تم اقتراح الذكاء الاصطناعي كأداة قوية يمكنها تحليل كمية كبيرة من المعلومات ومساعدة صناع السياسات على التنبؤ بنتائج قراراتهم. ومع ذلك، تطرح التكنولوجيا أيضًا تحديات، بما في ذلك المخاوف بشأن دقة الخوارزميات، وتحيزات البيانات، والقضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في السياسة الخارجية.
وفي هذا الصدد، أجرى علي أوميدي، الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بجامعة أصفهان، مع أحد زملائه في الجامعة، بحثاً في هذا المجال. يهدف هذا البحث إلى التعرف على قدرات وتحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في صنع القرار في السياسة الخارجية. وقد حاول الباحثون تحديد إلى أي مدى يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا في هذا المجال، وما إذا كان يمكنه أن يحل محل صانعي القرار من البشر.
لإجراء هذا البحث، تم استخدام طريقة مجتمعة. وهذا يعني أن الباحثين استخدموا الأساليب النوعية والكمية. في المرحلة الأولى تم جمع المعلومات المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في السياسة الخارجية من خلال مراجعة الأبحاث السابقة. ومن ثم، ولقياس دقة وصحة فرضيات البحث، تم استخدام آراء 12 خبيراً في مجال السياسة الخارجية والذكاء الاصطناعي.
وأخيراً، تم تحليل نتائج هذا البحث باستخدام أدوات تحليل البيانات لتحديد كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية.
وأظهرت نتائج هذه الدراسة أن الذكاء الاصطناعي، رغم قدرته العالية على معالجة وتحليل البيانات الضخمة، لا يزال غير قادر على اتخاذ قرارات مستقلة في السياسة الخارجية. ويمكن استخدام هذه التكنولوجيا كأداة مساعدة لتحليل البيانات وتقييم المخاطر ومحاكاة المفاوضات الدبلوماسية، لكن اتخاذ القرار النهائي لا يزال يتطلب الحكم البشري.
ووجد الباحثون أيضًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد صناع السياسات على اتخاذ قرارات أسرع وأكثر استنارة. على سبيل المثال، يمكن لهذه التكنولوجيا معالجة الكم الهائل من المعلومات التي تنطوي عليها العمليات الدبلوماسية وتقديم تنبؤات حول العواقب المحتملة لكل قرار. ومع ذلك، هناك أيضًا تحديات، بما في ذلك إمكانية التحيز في البيانات، والتعرض للمعلومات المزيفة، والاعتبارات الأخلاقية مثل انخفاض الإبداع البشري في صنع القرار.
إحدى النقاط الرئيسية التي يؤكد عليها هذا البحث هي أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تحسين جودة القرارات، إلا أن الاعتماد المفرط على هذه التكنولوجيا يمكن أن يسبب مشاكل. على سبيل المثال، قد يفشل اتخاذ القرار القائم بالكامل على الخوارزميات في فهم تعقيدات السياسة الخارجية بشكل صحيح، حيث يتطلب هذا المجال النظر في العوامل البشرية والثقافية والتاريخية التي لا يمكن قياسها بسهولة في البيانات الكمية.
وبناءً على هذه النتائج، يقترح الباحثون أن تستخدم الدول الذكاء الاصطناعي كمساعدة لصانعي السياسات، وليس كبديل لهم. ومن الضروري أيضًا إيلاء اهتمام خاص لقضاياها الأخلاقية والأمنية في تصميم واستخدام هذه التكنولوجيا.
وأخيرا، الأمر الواضح هو أن الذكاء الاصطناعي من الممكن أن يلعب دورا مهما في مستقبل السياسة الخارجية؛ ولكن هذا الدور ينبغي أن يخدم عملية صنع القرار البشري، وليس أن يحل محله.