ما هي رسالة حضور الرئيس السوري في القمة العربية؟
أفادت وکالة آنا الإخباریة، بالرغم من كثرة الملفات التي حملت مع القادة العرب الى الدوحة، فرضت غزة الواقع على القمة الثالثة والثلاثين المنعقدة في البحرين وحمل البيان الختامي للقمة دعوة إلى وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع وخروج قوات الاحتلال الإسرائيلي من جميع مناطقه ودعوة إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية أممية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين.
إن القمة التي انهت اعمالها في المنامة، جاءت في ظل صراعات وازمات تعاني منها الدول العربية، شكلت الازمات الداخلية في بعض الدول العربية جزء من هذه الملفات، تليها الازمات البينية بين بعض الدول العربية، واما الملفات الاهم فهي الاخطار الاقليمية المحدقة بالدول العربية ومنها قضية غزة.
لذلك ان تعقد قمة عربية في ظل هذه الظروف القاسية، بداية هو انجاز للقادة العرب، وان يجتمع القادة العرب بعد ما تتعرض له الدول العربية من عدوان خارجي وازمات داخلية وخلافات بينية، يعتبرحدث يجب الوقوف عنده، بالذات بعد تصدير مشهد وجود اتفاق على جدول اعمال محدد بعيد عن كل تلك الازمات التي تحدثنا عنها، وان هناك محاولة هذه المرة للدخول لعمق القضايا المصيرية والملحة في العالم العربي، بعد محاولة انهاء العنوان الجامع للدول العربية، وكسر ارادة الاتفاق بين القادة العرب على الاقل بعد مشهد المجزرة الكبرى في غزة، نعم غزة التي تختصر عناوين كثيرة كان يجب ان تصدر من القمة الى العالم الاسلامي والانسانية جمعاء.
في نقاش الازمات، ولن نناقش ما جاء به البيان الختامي الذي كان مخيبا لكل صاحب ضمير وحر وشريف في العالم العربي والاسلامي، لكن واقعياً، في العنوان الاول، الجميع بحاجة ضرورية لعلاقات عربية عربية، سليمة، مهما كان الظرف، هذه العلاقات تسمى في علم السياسة علاقات الضرورة بين الدول، ودوائر القرار في الانظمة العربية استطاعت ان تستثمر باجزاء من صمود سوريا في وجه ما يسمى بالربيع العربي، ما حدد هذا الصمود خطوط على مستوى الجغرافية السياسية في الاقليم والعالم، لتأتي خطوة استثمار سورية باعادة العلاقات مع بعض الدول العربية، و حضور الرئيس بشار الاسد في قمة المنامة، حضور ذو قيمة كبيرة جدا في ظروف مؤلمة تمر بها الامة العربية في غزة وسورية وغيرها من المناطق، فالرئيس الاسد هو رئيس دولة جزء من محور المقاومة، رتبت بانتصارها على الارهاب، كل الاصطفافات السياسية على مستوى المنطقة والاقليم، لذلك خطف الرئيس الاسد الاضواء بحضوره في القمة العربية في الدوحة، ويتفق معظم الخبراء ان الرئيس بشار الأسد ركز في مشاركته بقمة البحرين، على أهمية النقاش والبحث في الملفات المُدرَجة خلال جلسة القمة، وليس على إلقاء الكلمات؛ فلم يُلقِ كلمة وكان ذلك مقرَّرَاً منذ دعوة الرئيس الأسد إلى القمة. حيث عقد الرئيس السوري عدد من اللقاءات الثنائية حملت مشاورات مع الزعماء العرب، منهم ملك البحرين، وولي العهد السعودي، والرئيس العراقي. ويرى الهتمون بملف العلاقات العربية البينية، ان ذلك كان أكثر أهمية من الكلمات بالنسبة للرئيس الأسد، خاصة وأن رئاسة القمة سبق وحددت زمن الكلمة لأي زعيم بثلاث دقائق فقط، وهي مدة لا تكفي للغوص في العناوين أو القضايا التي تحمله أي كلمة.
من هنا كان الاتفاق ان الرئيس الاسد ان كان سيتكلم في الاولويات التي سيناقشها الزعماء العرب، فالرئيس السوري كان قد عبر عن موقف سورية من المقاومة، وهذا الامر ثبت في اكثر من مناسبة، وكان اخرها ان سورية سبتقى تدعم المقاومة الفلسطينية بكل عمق، وقبل ايام وجه رسالة ان سورية مستمرة بدعم المقاومة.
لذلك لا يمكن ان يقرأ حضور الرئيس في القمة العربية الا انه حضور بكامل قوة الرئيس الاسد وبكامل مواقفه، هو انجاز بحد ذاته، لسان حاله يقول انه لم يأت اليوم الى القمة العربية، بل هو قد حضر من عشرات، وان سوريا وشعبها قاتلت من اجل العناوين الكبرى التي يقاتل من اجلها اهل غزة اليوم، وان الرهان على الفعل المقاوم، هو الرهان الحقيقي، وان ثوابت سورية هي ذاتها لم تتبدل، وان دمشق لن تناور على الثوابت التي قاتلت من اجلها منذ انشاء هذا الكيان، وصمته كان هاما ورسالة للجميع.