كيف أربكت المقاومة الذكاء الاصطناعي للتكنولوجيا الإسرائيلية؟
أفادت وکالة آنا الإخباریة، يشهد العصر الحالي تطورات هائلة في مجال التكنولوجيا العسكرية، وهذه التطورات تنعكس بشكلٍ واضح في تحوّل كبير في أساليب وقدرات الجيوش والقوات المسلحة حول العالم.
القدرة على دمج التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي في الأنظمة العسكرية تمثّل خطوة نوعية في عالم الدفاع والأمن.
فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا متقدمة بل هو أيضاً رافعة للتحسينات الكبيرة في القوة والكفاءة والاستدامة. فهو يمنح القوات العسكرية القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بسرعة فائقة ودقة فائقة، ويجعل من الممكن تنفيذ العمليات العسكرية بكفاءة أعلى وبأقل تكلفة بشكلٍ عام.
تعتمد الدول في الوقت الحاضر على تطبيقات متنوعة للذكاء الاصطناعي في الجوانب العسكرية، بدءاً من الاستفادة من نظم الطائرات بدون طيار الذكية والقوات المسلحة الذاتية التوجيه إلى صواريخ عالية الدقة ومركبات ذاتية القيادة. فهذه التقنيات تجعل التكتيكات العسكرية أكثر دقة وفعالية وتساهم في تحقيق الأهداف بكفاءة أكبر، ولكن في الوقت نفسه، تعيد التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي نقاشاً ملحاً بشأن التحديات الأمنية والأخلاقية المرتبطة بها.
إن التوازن بين الاستخدام العسكري الفعال للذكاء الاصطناعي والمخاوف المتعلقة بالأمان والأخلاق يشكل تحديًا معقدًا يتعين على الدول والمجتمع الدولي التفكير فيه بعناية.
التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية
تاريخ "إسرائيل" مليء بالتحديات الأمنية، نظراً للطريقة الشاذة في النشأة والتكوين، القائمة على مبدأ الاحتلال الاستيطاني. وهذا دفعهم إلى الاستثمار بشكل كبير في البحث والتطوير وتطوير تكنولوجيا عسكرية متطورة. ومن ذلك:
- أنظمة الطائرات بدون طيار (المسيَّرات): تشمل هذه الأنظمة مسيَّرات مختلفة الأحجام والأغراض، بما في ذلك الاستطلاع والاستهداف ونقل الحمولات. واحدة من الأنظمة المعروفة هي "طائرة هيرمس" (Hermes 900) التي تستخدم لمراقبة الحدود والاستطلاع.
- تكنولوجيا الصواريخ: طورت "إسرائيل" نظماً صاروخية مثل "حديد السماء" (Iron Dome) و"وأرو دوم" (Arrow Dome) للدفاع الصاروخي. وهذه الأنظمة تستخدم للتصدي للصواريخ والقذائف القادمة من المناطق المجاورة.
الأمان السيبراني
- تكنولوجيا المعلومات والاستخبارات: تستفيد القوات الإسرائيلية من تكنولوجيا المعلومات وأنظمة الاستخبارات لتحليل المعلومات ودعم عملياتها الاستخباراتية واتخاذ القرارات. وهي في ذلك تبني علاقات مع الشركات العالمية الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة.
-تكنولوجيا الطب العسكري: تضمن هذه التقنيات تقديم الرعاية الصحية الفورية في الحقول العسكرية.
- تكنولوجيا الاستشعار: تستخدم "إسرائيل" تقنيات الاستشعار وأنظمة المراقبة لمراقبة الحدود. تشمل هذه التقنيات الاستشعار عن بعد وأنظمة الرادار وكاميرات الفيديو.
ويجب ملاحظة أن التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية تعتمد على البحث والتطوير المستمر بميزانيات عالية جداً.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنّ ميزانية جيش الاحتلال السنوية تم رفعها للعام 2023 من 59 مليار شيكل إلى 68 ملياراً اي حوالي 20.63 مليار دولار.
كيف فشلّت المقاومة منظومة الذكاء الاصطناعي للاحتلال؟
في حرب تموز/ يوليو عام 2006، كانت أهم المفاجآت في حينها استخدام صواريخ الكورنيت المضادة للدروع التي فعلت فعلتها حين ظن العدو انه بإمكانه التوغل جنوب لبنان. المقاومون حينها قدّموا صورة من الرعب للمصانع العسكرية الإسرائيلية، ألا وهي مجزرة الميركافا في وادي الحجير.
من وادي الحجير، ومن تلك القبضات الشجاعة التي كانت تقف وجها لوجها مع فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية فتدمرها وتقتل وتجرح من فيها، بدأت رحلة الإنقضاض على التكنولوجيا العسكرية في جنوب لبنان.
منذ الطلقات الأولى في 8 تشرين الثاني/ اكتوبر 2023 التي كانت تساند المقاومين في غزة، كانت إحدى أهداف المقاومة استهداف التكنولوجيا التجسسية للعدو قبل أي عملي عسكري نوعي.
لذا كان الاستهداف اليومي لمواقع المراقبة والتجسس ولأجهزة الاستشعار والكاميرات الذكية والرادارات وغيرها من الأدوات المزروعة على حدودنا الجنوبية.
في الأيام الأولى من أيام مساندة غزة من جنوب لبنان، انتقد الكثير من الناس، رغم سقوط عدد لا بأس به من الشهداء، سلوك المقاومة لأنها كانت تعطي حيّزاً كبيراً من عملياتها ضد تلك الأجهزة التي ذكرناها.
اليوم، وبعد أكثر من شهر على عملية استنزاف العدو الصهيوني، نرى أنّ وتيرة عمليات المقاومة تصاعدت كمّاً ونوعاً وعمقاً ومع ذلك خفّ معدل سقوط الشهداء. فماذا حصل؟
صعّبت المقاومة مهمة المسيرات الإسرائيلية –السبب الرئيسي لتزايد عداد الشهداء في الأيام الأولى- وذلك بعد الاستهداف الممنهج للأعين الإلكترونية والذكية للعدو الإسرائيلي على طول الحدود الجنوبية.
تغيير التكتيت القتالي للمقاومة
إضافة إلى ذلك، صرّح أحد قادة العدو الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية للبنان، بأنّ المقاومين قد غيّروا من تكتيكهم القتالي الذي بات مغايراً تماماً للأيام الأولى.
بمعنى آخر، أنّ المقاومة قد قرأت جيداً بأنّ مسلكها في الأيام الأولى أي سلوكها القتالي أصبح مكشوفاً في تحليلات المسيرات الإسرائيلية، فعمدت إلى أسلوب جديد لم يدربه به الصهاينة للمسيرات الذاتية التحكّم بعد.
من ناحية أخرى، الأمن السيبراني الصهيوني وما عززه بآلات ومعدات ذاتية التحكم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتدربة على أحدث البيانات والمعلومات، تتآكل يومياً وتصبح مادة للسخرية في مختلف أنحاء العالم. فكلنا رأى أنّ المواقع الرسمية الإلكترونية لأغلب الوزارات الإسرائيلية قد اخترقت ووضع عليها محتوى يدعم ويناصر غزة.
إلى ذلك، تتآكل صورة الصناعة العسكرية الإسرائيلية فيما يتعلف بصافرات الإنذار والقبة الحديدية، بحيث اعترف العدو الصهيوني على مضض بحصول خروقات سيبرانية عدة للأنظمة أدت إلى تفعيل صافرات الإنذار وفي بعض الأحيان إلى تعين مواقع لأهداف خاطئة للباتريوت التي ساهمت مع صواريخ المقاومة في ضرب المدن الإسرائيلية.
من ناحية أخرى، فقد تآكلت قدرة المسيرات الإسرائيلية على التمويه أيضاً، فتآكلت صورتها بعد استهداف صواريخ المقاومة لها بنجاح واسقاط عدد منها في جنوب لبنان.
الصورة التكنولوجية لأفخر صناعاتهم العسكرية تتآكل، وهذا ما سينتج عنه ضعف الصناعات والمبيعات العسكرية الإسرائيلية في المرحلة القادمة.