أكثر من أصدقاء أو حلفاء .. علاقات ايران وسوريا خلال الـ12 عاما الماضية
أفادت وکالة آنا الإخباریة، مما لا شك فيه ان الأزمة السورية عام2011 شكلت نقطة تحول في العلاقات التجارية والاقتصادية والعسكرية بين طهران ودمشق فمنذ الأيام الأولى من بدء الأزمة أدركت إيران حجم المؤامرة وهدفها الرئيسي بقصم ظهر محور المقاومة، بتدمير وإسقاط قاعدته المركزية سوريا بنظامها المقاوم، وإضعاف قوتها في مواجهة العدو الصهيوني، فقدمت طهران كل أشكال الدعم لسوريا سواء الاقتصادي أو المالي أو الاستشاري العسكري وساهمت حتى الآن في إسقاط المؤامرة الكونية عليها.
دعم في الميدان لمكافحة الإرهاب ودعم في الاقتصاد للصمود بوجه الحصار الغربي
وقفت ايران الى جانب سوريا خلال الحرب التي شنت عليها مع بدء الازمة في هذا البلد عام 2011 وأرسلت المستشارين العسكريين الذين لعبوا دورا كبيرا في إعادة ترتيب الصفوف ومواجهة الجماعات الارهابية التي تدفقت الى سوريا من كل حدب وصوب، تنفيذا لأجندة غربية صهيونية أمريكية هدفت الى تدمير سوريا أحد أركان محور المقاومة الرئيسية، كما نمت العلاقات الاقتصادية بين سوريا والجمهورية الإسلامية الإيرانية وكان لإيران دور كبير في دعم صمود سوريا خاصة في ظل الحصار الغربي الظالم.
وأما عن الملف الاقتصادي، فبعد انتصار الثورة الإسلاميّة، شهدت العلاقات الاقتصاديّة بين سوريا وإيران تطوّرًا ملحوظًا في ظل مناخ التقارب السياسي الذي ساد بين البلدين خاصة خلال الحرب المفروضة على ايران من قبل النظام البعثي الصدامي (1980 -1988) ، إلى أن بلغت العلاقات الاقتصادية بين طهران ودمشق أوجها بين عامي 2000 و2010.
في مارس/آذار عام 1982 وصل وفد سوري رفيع المستوى إلى إيران لتطوير مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي، وأبرم الطرفان مجموعة من الاتفاقيات التجارية والنفطية لتكون الأولى من نوعها بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية. كان أهم ما جاء في الاتفاق السابق ذكره، تصدير إيران لسوريا 9 ملايين طن من النفط سنوياً مقابل تصدير سوريا لإيران 300 ألف – 400 ألف طن من الفوسفات لعام واحد ثم تقوم برفع حجم صادراتها إلى مليون طن لاحقاً (للوفاء بكامل احتياجات قطاع البتروكيماويات الإيراني).
وفي العقد التالي، في 24 من سبتمبر/أيلول 1990، اتفق الطرفان على إنشاء شركات مشتركة في مجالات استثمارية مختلفة؛ خاصة في قطاع المقاولات، ثم عقدت اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين جلستها الأولى قرب نهاية النصف الأول من عام 1996.
ومع بدء الأزمة السورية تطور التعاون الاقتصادي بين البلدين، ليأخذ أشكالًا جديدة كتقديم إيران لسوريا كافة اشكال الدعم خلال الحرب، كما كان للعلاقات الاقتصادية أثرها الكبير خلال العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا، ولا تزال هذه العلاقات تأخذ مسارًا تصاعديًا تمثّل في إبرام العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية خلال السنوات الأخيرة، وفي ظل الزيارة الأخيرة لوزير الطرق والتنمية العمرانية الايراني"مهرداد بذرباش" والذي يتولى رئاسة اللجنة الإيرانية السورية المشتركة، الى العاصمة السورية دمشق الشهر الماضي، ولقائه الرئيس الاسد وكبار المسؤولين السوريين لتفعيل آخر الاتفاقيات بين الطرفين والاهم من ذلك الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي إلى سوريا.
حجم الاستثمارات الإيرانية في سوريا إلى ما قبل الأزمة السورية
وفقًا للتقرير السنوي الخامس (2010) لهيئة الاستثمار السورية، منذ عام 1991 إلى عام 2005، كان لإيران أربعة مشروعات في سوريا بتكلفة استثمارية بلغت أكثر من خمسة مليارات ليرة سوريا، أما خلال الفترة الممتدة من عام 2006 وحتى عام 2010 فاستثمرت إيران في سويا في سبعة مشروعات بتكلفة استثمارية بلغت أكثر من 20 مليار ليرة سوريا. ووفقًا لتقارير صحافية، قدَّرت الحكومة السورية الاستثمارات الإيرانية خلال عام 2006 فقط بما يزيد على 400 مليون دولار؛ الأمر الذي جعل طهران ثالث أكبر مستثمر في سوريا بعد السعودية وتركيا، وفي سبتمبر/أيلول 2006 كان مسؤولون من الدولتين قد أعلنوا آنذاك عن خطط لتوسيع مشاريع إيرانية في سوريا بقيمة 10 مليارات دولار على مدى السنوات الست التالية. وقد صرَّح مسؤولون إيرانيون بوصول قيمة الخدمات الفنية والهندسية الإيرانية في عام 2010 (سنة 1389 الفارسية) إلى 2.2 مليار دولار أميركي وهو العام أيضًا الذي اتفق فيه الجانبان على تأسيس بنك إيراني سوري للصادرات برأس مال مبدئي يصل إلى 30 مليون دولار على أن يستحوذ الجانب الإيراني على 60% منه. بلغت الصادرات السورية إلى إيران ما قيمته 706 ملايين ليرة سورية؛ أي ما نسبته 0.12% من إجمالي الصادرات السورية في عام 2010؛ وهي نسبة ضئيلة جدًّا بالمقارنة مع تطور العلاقات السورية الإيرانية، والاتفاقيات الموقعة بين البلدين". وفيما يخص الواردات من إيران: "بلغت المستوردات السورية من إيران عام 2010 ما قيمته 14,018.3 مليار ليرة سوريا أي ما نسبته 1.73%من إجمالي المستوردات السورية.
الاستثمارات بعد الازمة
بعد اندلاع الأزمة، في إبريل/نيسان عام 2012 عقد الجانبان الإيراني والسوري اتفاقية التجارة الحرة التي نصَّت على خفض الحواجز الجمركية تدريجيًّا، وذلك بحيث لا تزيد عن حدود 4%مستقبلاً، وهو ما استُهدف من خلالها آنذاك رفع حجم التبادل التجاري إلى ملياري دولار في الأعوام التالية بحسب ما صرَّح به مسؤولون إيرانيون.
في العام التالي، تلقَّت دمشق قرضًا من إيران بلغت قيمته مليار دولار أميركي في شهر يناير/كانون الثاني من عام 2013 بعد انخفاض إيرادات الحكومة السورية بشكل كبير وبنحو 50%مقارنة بعام 2010، وأدَّت الحرب على سوريا والعقوبات الاقتصادية إلى تخفيض العوائد النفطية بنسبة 90% فضلاً عن تراجع الإيرادات الضريبية من القطاع الخاص؛ انطلاقًا من ذلك، خصصت الحكومة السورية القرض الأول لاستيراد السلع الغذائية، ولدعم الاحتياطي النقدي الرسمي الذي كان يتآكل منذ اندلاع الاحتجاجات بسبب تزايد الإنفاق العسكري.
وفي شهر أغسطس/آب 2013 تلقَّت دمشق من طهران قرضًا ثانيًا بلغت قيمته 3.6 مليارات دولار؛ وقد خصصته الدولة السورية بشكل أساسي لاستيراد المشتقات النفطية، كما ساعد القرض الثاني في كبح حدة انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار لتجنب انهيار العملة المحلية.
وفي عام 2014، بدا أن عملية تقليص الحواجز الجمركية (بالإضافة إلى إعفاء واردات القطاع العام من إيران من الرسوم الجمركية والضرائب منذ يناير/كانون الثاني 2014 إلى 2015)، مع الدعم النقدي الذي تلقته دمشق، قد انعكست على حجم التبادل التجاري بينها وبين طهران؛ إذ تشير مؤسسة تنمية التجارة الإيرانية إلى صعود حجم التبادل التجاري بين البلدين من 430 مليون دولار في عام 2010 إلى 869 مليون دولار في عام 2014، ولكن وفقًا للملحق التجاري بالسفارة الإيرانية بدمشق علي کاظميني، وصل حجم التبادل التجاري إلى مليار دولار في العام الماضي.
وهناك ما يشير إلى احتمال استيراد سوريا من إيران آنذاك سلعًا تتجاوز قيمتها المليار دولار؛ إذ صرح معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري عبد السلام علي ببلوغ قيمة واردات سوريا من إيران 422 مليار ليرة سوريا (2.6 مليار دولار)، مُشَكِّلة نسبة 34%من الحجم الكلي للواردات السورية، في عام 2014.
في أيلول/ سبتمبر 2017 شاركت إيران بمعرض "عمّرها" الذي أقيم بدمشق بنحو 40 شركة من بين 164 شركة جاءت من 23 دولة، أما في أول معرض تجاري اقامته سوريا منذ العام 2011 وكان في آب 2017 فشاركت 30 شركة إيرانية في مختلف التخصصات. كما تم مطلع 2017 توقيع مذكرة تفاهم وعدت فيها دمشق إيران بأنها ستقدم عقود إعمار لشركات إيرانية.
وفي عام 2019: توقيع 11 اتفاقية تعاون بين سورية وإيران في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية والاستثمار والإسكان وقعت سورية وإيران 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجا تنفيذيا لتعزيز التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي والعلمي والثقافي والبنى التحتية والخدمات والاستثمار والإسكان وذلك في ختام اجتماعات الدورة الـ 14 من أعمال اللجنة العليا السورية- الإيرانية المشتركة التي عقدت في دمشق.
وكانت أبرز أوراق التعاون الموقعة اتفاقية التعاون الاقتصادي الاستراتيجي طويل الأمد ومذكرة تفاهم لاجتماعات اللجنة المشتركة العليا وقعهما المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء والدكتور إسحاق جهانغيري النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وتضمنت حزمة الاتفاقات مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في الجمهورية العربية السورية ووزارة الصناعة والمناجم والتجارة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقعها وزير الاقتصاد الدكتور محمد سامر الخليل ووزير الطرق وبناء المدن محمد إسلامي.
ووقع الجانبان مذكرة تفاهم بين المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية والخطوط الحديدية الإيرانية وقعها وزير النقل المهندس علي حمود وعن الجانب الإيراني وزير الطرق وبناء المدن محمد إسلامي.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال الأشغال العامة والإسكان وقعها وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس سهيل عبد اللطيف وعن الجانب الإيراني وزير الطرق وبناء المدن محمد إسلامي.
كما تضمنت الاتفاقيات مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الترويج للاستثمار بين هيئة الاستثمار السورية ومنظمة الاستثمار والمساعدات الفنية والاقتصادية الإيرانية وقعها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل وعن الجانب الإيراني وزير الطرق وبناء المدن الإيراني محمد إسلامي.
إضافة إلى مذكرة تفاهم في مجال الجيوماتيك بين الهيئة العامة للاستشعار عن بعد في الجمهورية العربية السورية ومنظمة الجغرافيا في إيران وقعها مدير الهيئة العامة للاستشعار عن بعد وعن الجانب الإيراني مدير منظمة الجغرافيا.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون السينمائي بين المؤسسة العامة للسينما في سورية والمنظمة السينمائية السمعية والبصرية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقعها مدير عام المؤسسة العامة للسينما وعن الجانب الإيراني مدير المنظمة السينمائية السمعية والبصرية.
ووقعت مذكرة تفاهم بين هيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في سورية ووحدة التحويلات المالية في إيران بشأن التعاون في تبادل المعلومات المرتبطة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب وقعها حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور حازم قرفول وعن الجانب الإيراني وزير الطرق وبناء المدن محمد إسلامي.
كما وقع الجانبان البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي بين وزارة الثقافة في سورية ووزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران للأعوام 2019-2020-2021 وقعها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل وعن الجانب الإيراني وزير الطرق وبناء المدن محمد إسلامي.
إضافة إلى توقيع البرنامج التنفيذي في المجال التربوي “التعليم ما قبل الجامعي” بين حكومتي الجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية للأعوام 2019 و2020 و2021 وقعها وزير التربية عماد العزب وعن الجانب الايراني وزير الطرق وبناء المدن محمد إسلامي.
القطاع المالي
على الصعيد المالي، والمعاملات البنكية، فتحت إيران خط ائتماني لدمشق، وفي كانون الثاني من العام 2013 قدمت إيران قرضها الأول بمقدار مليار دولار لدعم العجز المالي وفعّلت كل من طهران ودمشق في شهر آب/أغسطس 2013 منح القرض الثاني للحكومة السورية والبالغ 3.6 مليار دولار ليتم إنفاقه بشكل أساسي على استيراد المشتقات النفطية من إيران حصراً. وفي تموز وقّع الرئيس بشار الأسد على قانون يصادق على القرض الثالث البالغ مليار دولار مقدم من إيران بهدف تمويل الصادرات. وفي مجال الاتصالات وقع الجانبان مطلع العام 2017 على منح إيران رخصة تشغيل الهاتف المحمول في البلاد علماً أن عائدات شركة النقال في سورية تقدر بنحو 12 مليار ليرة سورية سنويًا، على أن يبلغ حجم الاستثمار في المشغل الجديد نحو 300 مليون دولار، بحيث تكون حصة الجانب السوري 20% في مقابل 80%لشركة إيرانية.
2022 - 2023 تفعيل الاتفاقيات الموقعة
استكمالا لجهود وزير الطرق وبناء المدن الإيراني السابق رستم قاسمي لسوريا في عام 2022، زار وزير الطرق والتنمية العمرانية الايراني الجديد "مهرداد بذرباش"، العاصمة السورية دمشق نهاية نيسان 2023 والتقى خلال زيارته الرئيس السوري بشار الاسد ووزير الطرق السوري وعددا من المسؤولين السوريين، حيث تم الاعلان عن مباحثات بين المسؤولين الإيرانيين والسوريين لتوسيع العلاقات الاقتصادية في قطاعي النقل البحري والسكك الحديدية وتسهيل التعاملات المصرفية وخفض تعريفات التجارة الحرة.
وزير الطرق مهرداد بذرباش، الذي يتولى رئاسة اللجنة الإيرانية السورية المشتركة، ناقش دفع الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الماضي وإرساء أسس جديدة في مختلف المجالات.
كما ناقش مع المسؤولين السوريين التعاون في القطاع البحري والسكك الحديدية حيث بدأت الآن إجراءات إحياء خطوط السكك الحديدية وتطويرها بين ايران والعراق وسوريا في مجالات نقل البضائع والركاب.
وسابقا كان المسار السككي بين الدول الثلاث قائما، لكن خلال السنوات الماضية، وبسبب الحروب والعقوبات التي فُرضت على سوريا ، تم تدمير بعض أجزاء خطوط السكك الحديدية، وهي بحاجة إلى إصلاح وتحسين، حيث يتطلع البلدان الى نقل الركاب والبضائع بين سوريا والعراق وإيران، عبر سكة حديد شلمجة - البصرة وصولاً للموانئ البحرية السورية وبالعكس.
- التشاور بين إيران وسوريا لخفض الرسوم الجمركية على التجارة الحرة والمعاملات المصرفية
ناقش الوزير الايراني خلال زيارته تخفيض تعريفة التجارة الحرة بين البلدين وهو أحد المحاور التي يدرسها البلدان ويؤكدان على تقدمها، كما تم متابعة موضوع المعاملات المصرفية خلال هذه الزيارة إلى سوريا.
كما تم بحث المبادلات المصرفية فلن يتم تيسير التجارة، وأن البنك المركزي الإيراني أجرى ترتيبات جيدة ، وسنتحدث مع مصرف سوريا المركزي اليوم وغدا حتى يتم إنشاء هذه التبادلات في أقرب وقت ممكن.
وجاء في تصريحات وزير الطرق الايراني خلال الزيارة: في القطاعين الزراعي والصناعي، بنت إيران مصانع جيدة في سوريا في الماضي، والتي توقفت بسبب الحرب التي فُرضت على هذا البلد ، ويجب إعادة هذه المصانع إلى الإنتاج في أسرع وقت ممكن.
وصرح بإن السوق السورية سوق جاذبة للبضائع والمنتجين الإيرانيين، كما يمكن للسوق الإيراني أن يكون سوقا جيدا لسوريا بحيث يتحقق التوازن بين البلدين في القطاع الاقتصادي قريبا.
توطيد وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين إيران وسوريا
وأوضح: نعتزم توطيد وتعزيز العلاقات بين البلدين في القطاع الاقتصادي في أقصر وقت ممكن في ظل توجيهات رئيس الجمهورية.
وأعرب وزير الطرق والتنمية العمرانية عن أمله في فتح فصل جديد بين البلدين الصديقين والشقيقين إيران وسوريا في القطاع الاقتصادي في ختام الاجتماعات والمحادثات التي تعقد مع الوزراء والمسؤولين السوريين خلال هذه الزيارة .
كما أعلن بذرباش عن عقد اجتماع مع نشطاء من القطاع الخاص الإيراني والسوري للتعريف بقدرات إيران لرجال الأعمال السوريين، وكذلك لتعريف القدرات السورية للنشطاء الاقتصاديين الإيرانيين لتوسيع العلاقات بين البلدين في القطاع الاقتصادي .
الحرب السورية ثمن القضية الفلسطينية والعداء للكيان المؤقّت
منذ احتلال أرض فلسطين عام 1948، أعلنت سوريا موقفها المقاوم من الاحتلال الإسرائيلي، ودخلت في حروب ثلاث ضد الكيان المؤقّت: الحرب العربية الإسرائيلية 1948؛ حرب الأيام الستة 1967؛ وحرب تشرين 1973. كما دعمت لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي 1982. ويشكّل الجولان المحتلّ منذ حرب الأيام الستة عنوان الممانعة السورية والتفاوض لاسترجاع الأرض دون أي تسوية أو تنازل؛ فكان الموقف السوري الدائم هو المطالبة بانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان قبل أي نوع من التفاوض أو مباحثات السلام. هذا التاريخ المقاوم العريق لسوريا يعمل العدو الإسرائيلي على تشويه صورته ونموذجه من خلال الفصل في خيارات الدولة السورية والوجود الإيراني في سوريا، وتحديدًا في الجولان؛ في إطار بروباغندا التوهين من دور سوريا القوي في الممانعة ورفض التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وتوليد الضغط على الدولة السورية بغية تفكيك علاقتها بالحليف الإيراني.
على الصعيد السياسي، تدرك أمريكا ومن خلفها الكيان المؤقت جيدًا صلابة الموقف السوري من الاحتلال الإسرائيلي؛ الموقف الذي كان يهدد مسار التطبيع في العالم العربي لما كانت تمثّله سوريا من موقع قوة في المحيط العربي؛ فكان تدمير سوريا وإضعافها ضرورة جوهرية لتمرير المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة. وعلى الصعيد العسكري، وبعد عقد من الحرب، بقيت سوريا في قلب الصراع العربي الفلسطيني، كما كانت دائمًا، وصمدت في خندق الدفاع عن ظهر المقاومة. وهكذا، أفشلت خيارات سوريا في الصمود والثبات والمقاومة أهداف المخطط الأمريكي- الصهيوني التي تدرّجت في خط تنازلي من القضاء على سوريا أو الإطاحة بالدولة أو تغيير سلوكه. وعلى الرغم من نتائج الحرب العسكرية المهولة على سوريا، وما تلاها من حرب اقتصادية عنوانها قانون قيصر، إلا أن القيادة السورية برئاسة الرئيس بشار الأسد حافظت على القضية الفلسطينية بوصلة في رسم السياسات الخارجية السورية، فجاء خطاب القسم الرئاسي في 17 تموز العام 2021 مؤكّدًا على تمحور الدولة السورية حول قضية فلسطين، وفي ذلك قوله: ”نخسر عندما نصدق أن النأي بالنفس هو سياسة وأنه يقينا من شظايا الاضطراب في محيطنا وعندما نعتقد أن القضايا المحيطة بنا منعزلة عن قضيتنا ونربح عندما نفهم في العمق أن أقرب تلك القضايا إلينا هي قضية فلسطين“.
تأثير العلاقة السورية الإيرانية على الكيان الصهيوني المؤقّت
يتمحور تأثير العلاقة السورية الإيرانية حول موقعية دور سوريا في الصراع العربي الفلسطيني، وإجهاض هذه العلاقة للأهداف الأمريكية- الإسرائيلية الاستراتيجية من الحرب على سوريا وتأمين حماية أمن الكيان المؤقت. فالمعادلة السورية الإيرانية من التقارب تعني تصاعد التهديد على الكيان المؤقّت. ويمكن إدراج أبرز التأثيرات في العناوين التفصيلية التالية:
1. تثبيط أحد أهم الأهداف الاستراتيجية على سوريا، وهو إخراج سوريا من معادلة الردع في صراع المحور ضد الكيان المؤقت.
2. تضييق هامش حرية الحركة الجوية الإسرائيلية في سوريا والمزيد من تآكل الردع الإسرائيلي، ويقابله نمو الردع السوري بما يخفض معه سقف الضربات وفق ردع مقبول التكلفة.
3. تخبط صنع قرار الحكومة الإسرائيلية بطريقة غير مسبوقة مع تصاعد عملية بناء الردع السوري وتعزيز وحدة محور المقاومة وإظهار الاستعداد في خوض معركة مع العدو بما يعيد خلط أوراق الحسابات لدى الكيان المؤقت سياسيًّا وأمنيًّا وصولاً لتآكل الردع بشكل كبير.
4. نمو معادلة الأمن المشترك لمحور المقاومة وعدم السماح للعدو بتحييد الساحات مع الدور السوري القوي في تعديل موازين المعركة بين الحروب بالنسبة لكل المحور، ورفع نسبة تهديد الحرب الشاملة.
5. تقويض عملية استثمار الكيان المؤقت لأزمات الجنوب السوري ومخرجات العلاقة مع دروز الجولان، وكبح مطامع العدو في الجنوب السوري.
6. تأمين الاستقرار السوري الداخلي وتوجيه التهديد باتجاه الكيان المؤقت عبر العمل على توحيد الجبهات الداخلية نحو العدو الإسرائيلي .
7. تآكل حملة ما بين الحروب التي انتهجها الكيان المؤقت على مدى العقد الماضي في محاولة لتحقيق أهدافه دون كلفة مرتفعة والدخول في حرب.
8. تزايد التهديدات على "الأمن القومي الإسرائيلي"، وتحديدًا من الجنوب السوري واحتمال تغيير خارطة الجولان المحتل لغير صالح العدو الإسرائيلي.
9. الفشل في الهدف الإسرائيلي الاستراتيجي في منع ظهور حزب الله ثان في سوريا وفق المزاعم الإسرائيلية، بحيث أن مشكلة حزب الله 2 ستظل مع العدو الصهيوني لفترة من الوقت .
10. استعادة سوريا بناء منظومتها الدفاعية وقدراتها الجوية والصاروخية، وتأسيس معادلة ردع جديدة وتغيير معادلة الاشتباك في سوريا، وصولًا إلى الحرب التي يحاول الإسرائيلي تجنبها طوال العشر سنوات الماضية .
11. خسارة التنسيق الإسرائيلي - الروسي كنتيجة غير مباشرة للعلاقات السورية الإيرانية في ظل العلاقة الروسية الإيرانية في سوريا الحالية من الحرب الأوكرانية الروسية.
12. خسارة معركة ما أطلق عليه بالخطاب العبري "منع التموضع الإيراني في سوريا".
13. عودة العلاقات السورية مع الفصائل الفلسطينية وتداعياتها على اختراق مشروع التطبيع العربي الإسرائيلي من جهة، وزيادة الهواجس الإسرائيلية والقلق الأمني والعسكري، من جهة أخرى.