بعد عامين من الحرب.. لماذا لم تنتصر "إسرائيل" على غزة؟
أفادت وکالة آنا الإخباریة، السبب الحقيقي لهذا التحول، كما يراه الكاتب عبد الباري عطوان، يتلخّص في الجملة التي قالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال مؤتمره الصحافي الأخير: "قلت لنتنياهو إن إسرائيل لا تستطيع أن تحارب العالم بأسره". هذه العبارة، برأي عطوان، تعبّر عن اعتراف أميركي صريح بأن "إسرائيل" باتت معزولة سياسياً وعاجزة عن مواصلة حربها في غزة بعد أن خسرت تعاطف العالم، وفشلت في تحقيق أهدافها الميدانية رغم عامين من القتال المتواصل.
فالحرب التي خاضتها "إسرائيل" ضد فصيل مقاوم محدود التسليح لكنها تمتلك إرادة صلبة وإيماناً راسخاً، تحوّلت إلى مأزق سياسي وأخلاقي، خصوصاً بعد فشلها في كسر إرادة المقاومة أو القضاء على قدراتها العسكرية رغم الدمار الهائل الذي خلّفته في القطاع.
ويُجمع المراقبون على أن بقاء نتنياهو في الحكم هو هدفه الأول، ومن هنا جاءت موافقته على الاتفاق الأخير الذي فرضه عليه ترامب، سعياً لشراء الوقت واستعادة بعض التوازن السياسي والعسكري.
ويحدّد عطوان ستة أسباب رئيسية أجبرت نتنياهو على هذا القبول:
الحاجة إلى هدنة لالتقاط الأنفاس داخلياً، بعد الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي لحقت بجيشه وتآكل الثقة بحكومته.
محاولة إعادة ترتيب العلاقة مع إدارة ترامب واستعادة الدعم الأميركي بعد التوترات الأخيرة، مع العمل على كسر العزلة الدولية وتجنّب ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية.
السعي لتحقيق إنجاز عسكري في أي من الجبهات المفتوحة، خصوصاً في اليمن، حيث فشلت كل محاولات "إسرائيل" والولايات المتحدة في وقف الهجمات بالصواريخ والمسيّرات.
فشل العدوان على لبنان في نزع سلاح حزب الله، مع عودة الحزب لتطوير قدراته الصاروخية وتبنّيه استراتيجية ردّ جديدة على الهجمات الإسرائيلية.
فشل مشروع إسقاط النظام السوري وتحويل سوريا إلى ساحة مواجهة جديدة ضد المقاومة، إذ استعادت دمشق جزءاً من قدراتها وواصلت التنسيق مع حلفائها في محور المقاومة.
استمرار صمود المقاومة الفلسطينية في غزة، التي رغم الحصار والدمار، ما زالت تنتج الصواريخ وتواصل الهجمات ضد الجيش الإسرائيلي، في معركة استنزاف طويلة الأمد لا يبدو أن نهايتها قريبة.
ويشير عطوان إلى أن المشهد المقبل قد يشهد احتفالات وضجيجاً سياسياً عقب الاتفاق، لكن الأسئلة الحقيقية ستُطرح لاحقاً: ماذا بعد عودة الأسرى؟ وهل ستكون هناك مراحل لاحقة من الاتفاق؟ وهل سينجح ترامب في استكمال مسار التسوية بعد فشله في تحقيق طموحه بالفوز بجائزة نوبل للسلام؟
ويختم الكاتب بالتحذير من الثقة بالهدوء الحالي، مؤكداً أن واشنطن وتل أبيب قد تعيدان إشعال المواجهة في أي لحظة، وأن المقاومة يجب أن تبقى على أهبة الاستعداد، لأن الحرب لم تنتهِ فعلاً، بل دخلت مرحلة جديدة أكثر تعقيداً، وقد تمتد إلى الضفة الغربية وجبهات أخرى على غرار النموذج اليمني.