دراسة إيرانية تكشف دورًا خفيًا لبصيلات الشعر في ترميم الجلد
أفادت وکالة آنا الإخباریة، يُعتبر الجلد أكبر أعضاء جسم الإنسان، إذ يشكّل نحو 16% من وزنه، ويتكون من ثلاث طبقات رئيسية: البشرة (Epidermis)، الأدمة (Dermis)، وتحت الأدمة (Hypodermis). تقوم البشرة بدور أساسي في حفظ الرطوبة وحماية الجسم، بينما تمثل الأدمة البنية الرئيسة للجلد، وتحت الأدمة تحتوي على الأنسجة الدهنية والأوعية الدموية.
أي إصابة في هذا التركيب المعقد قد تؤدي إلى جروح يصعب شفاؤها، حيث تمر عملية الترميم بثلاث مراحل: الالتهاب، التكاثر، وإعادة البناء. أي خلل في هذه المراحل قد ينتج عنه جروح مزمنة، وهي تمثل تهديدًا صحيًا خطيرًا، خصوصًا لدى مرضى السكري وكبار السن.
تشير الإحصاءات إلى أنّ ملايين الأشخاص حول العالم يعانون من الجروح المزمنة، مثل قرحة القدم السكري، القرح الوريدية، والجروح الناتجة عن الضغط. العلاجات التقليدية ـ بما في ذلك الضمادات المتقدمة، العلاج بالضغط السلبي أو التدخل الجراحي ـ لا تحقق دائمًا النتائج المرجوة. لذلك يزداد الاهتمام بالبحث عن حلول مبتكرة تُسرّع عملية الشفاء.
وقد جذبت بصيلات الشعر اهتمام العلماء مؤخرًا، إذ تبيّن أنّ وظيفتها لا تقتصر على إنتاج الشعر فحسب، بل تساهم أيضًا في الحفاظ على توازن الجلد وتجديده بعد الإصابة. وتُعَدّ الخلايا الجذعية الموجودة في هذه البصيلات أداة واعدة لعلاج الجروح الجلدية.
في هذا السياق، أجرى مهدي حصاركي من مجموعة أبحاث الترميم الضوئي في مركز بحوث الليزر الطبي التابع لجامعة "جهاد" الطبية في طهران، إلى جانب أربعة من زملائه، دراسة مرجعية تناولوا فيها دور الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر في ترميم الجروح، محاولين تسليط الضوء على أهميتها من الناحيتين العلمية والسريرية.
اعتمد الباحثون في عملهم على مراجعة الدراسات السابقة بدلًا من التجارب المباشرة، مما أتاح لهم جمع وتحليل بيانات متعددة لرسم صورة أوضح عن الوضع الراهن وآفاق المستقبل. وأظهرت النتائج أنّ بصيلات الشعر، إلى جانب دورها المعروف في إنتاج الشعر، تؤدي وظيفة أساسية في تجديد الجلد، إذ تملك خلاياها الجذعية قدرة عالية على الانقسام والتحول إلى أنواع مختلفة من الخلايا الجلدية، ما يجعلها عنصرًا فاعلًا في عملية التئام الجروح.
الميزة الأهم تكمن في سهولة الوصول إلى بصيلات الشعر، فضلًا عن طبيعتها الحيوية التي تمر بدورات متكررة من التدمير والتجديد، مما يفتح آفاقًا واسعة في مجال الطب التجديدي. خلصت الدراسة إلى أنّ بصيلات الشعر يمكن أن تعمل كمعزّز قوي لالتئام الجروح، إذ تستطيع خلاياها الجذعية، في ظروف مناسبة، التحول إلى خلايا البشرة، خلايا الغدد الجلدية، بل وحتى الخلايا العصبية.
وهذه الخصائص تبشّر بإمكانية تطوير علاجات جديدة قد تُحسّن نوعية حياة مرضى الجروح المزمنة. ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أنّ معظم النتائج الحالية مستمدة من دراسات على الحيوانات، خصوصًا الفئران، ولا يمكن تعميمها مباشرة على الإنسان بسبب اختلافات في كثافة البصيلات ووجود الغدد العرقية. وبالتالي، فإن التطبيق السريري لهذه النتائج لا يزال في مراحله الأولية ويحتاج إلى مزيد من الأبحاث المتقدمة.
رغم هذه التحديات، تبقى أهمية الموضوع بالغة. فالجروح المزمنة تُشكّل عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا على المرضى وأنظمة الرعاية الصحية، والبحث عن طرق جديدة لتسريع شفائها يُعتبر أولوية عالمية. ومن المتوقع أن تسهم تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والهندسة النسيجية، بالاستفادة من الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر، في تطوير جلد اصطناعي أكثر فعالية لعلاج الجروح المستعصية مثل القرح الوريدية وقرحة القدم السكري.