تقنية جديدة لتحويل النفايات الزراعية إلى فحم حيوي عالي الكفاءة
أفادت وکالة آنا الإخباریة، أعلن فريق بحثي من جامعة شهيد عباسپور عن تطوير جهاز جديد قائم على عمليات التحويل الحراري التحفيزي، قادر على تحويل بقايا المزروعات والكتلة الحيوية إلى فحم حيوي وزيت حيوي. ويُنتظر أن يسهم هذا الابتكار في تقليل التلوّث الناتج عن حرق النفايات الزراعية، بالتوازي مع تحسين جودة التربة وتقليل استهلاك المياه في قطاع الزراعة.
ما هو الفحم الحيوي؟
الفحم الحيوي (Biochar) هو مادة كربونية تنتج عن التحلّل الحراري أو البيروليز للمواد العضوية—مثل الخشب، والقشّ، وقشور الأرز، والروث الحيواني—في بيئة خالية من الأكسجين أو تحتوي على كميات ضئيلة جدًا منه. هذه العملية لا تعتمد على الاحتراق، بل على تفكّك حراري يحوّل النفايات العضوية إلى مادة عالية الثبات الكربوني.
ويمتاز الفحم الحيوي بقدرته على:
زيادة خصوبة التربة وتحسين احتفاظها بالعناصر الغذائية.
رفع قدرتها على الاحتفاظ بالمياه بفضل المسامية العالية للمادة.
توفير بيئة مناسبة لنموّ الكائنات الدقيقة المفيدة للتربة.
احتجاز الكربون لمدد تصل إلى مئات أو آلاف السنين، مما يجعل استخدامه أداة فعّالة للحدّ من تغيّر المناخ.
امتصاص الملوّثات والمعادن الثقيلة في التربة والمياه.
من المختبر إلى التطبيق الصناعي
وأضاف الفريق البحثي أنّ النموذج الأولي للجهاز قد تم تطويره بنجاح في المختبر، بدعم من معاونتَي العلوم والمياه والبيئة في رئاسة الجمهورية، وبالتعاون مع شركة كشت وصنعت كارون في جنوب البلاد، بغرض الانتقال بالمشروع إلى مرحلة التنفيذ الصناعي.
تصريحات الباحثين
صرح بيجن يگانه، عضو هيئة التدريس في كلية الهندسة المدنية والموارد المائية والبيئة في جامعة شهيد عباسپور، إن الهدف من التكنولوجيا الجديدة هو "تحويل الكتلة الحيوية والنفايات الزراعية إلى منتجات ذات قيمة مضافة، بدل أن تُعتبر عبئًا بيئيًا".
وأعلن أن نظام التحويل الحراري التحفيزي (Thermal Conversion Catalytic System) ينتج مادّتَين أساسيتين:
الفحم الحيوي (Biochar)
الزيت الحيوي (Bio-oil)
وهما مادّتان مستخدمتان في صناعات متعددة، وتلعبان دورًا مهمًّا في الإدارة الحديثة للنفايات الزراعية.
وأضاف: "يُنتج في إيران سنويًا نحو 170 مليون طن من النفايات الحيوية، وسوء إدارتها يؤدي إلى تلوّث الهواء وزيادة الغازات الدفيئة. تحويل هذه الكميات إلى فحم حيوي يساهم في تقليل التلوث، إضافة إلى كونه أحد أفضل مُحسّنات التربة في العالم."
تحسين خصوبة التربة وخفض استهلاك المياه
وأشار يگانه إلى أن انخفاض نسبة الكربون العضوي في تربة إيران يعدّ من أهم مشكلات القطاع الزراعي، إذ يفترض أن تتراوح هذه النسبة بين 1 و3% لتحقيق زراعة مستدامة، غير أنها حالياً أقل من ذلك بكثير. ويُعد الفحم الحيوي مصدرًا غنيًا بالكربون، ما يساعد في رفع هذه النسبة.
ولفت إلى أن المسامية العالية للفحم الحيوي تمكّنه من امتصاص وإطلاق الماء تدريجيًا، مما قد يقلّل احتياجات المياه للمحاصيل بين 15% و30%، الأمر الذي يكتسب أهمية مضاعفة في ظل الظروف المائية الحرجة للبلاد.
استخدامات صناعية إضافية
إلى جانب الزراعة، يمكن استخدام الفحم الحيوي في:
الصناعات التي تتطلب مصادر للكربون
إنتاج الأغشية الصناعية
صناعة الأعلاف الحيوانية بعد إثرائه بالمعادن والعناصر المفيدة
وفي بعض الدول مثل الهند، يُضاف الفحم الحيوي إلى أعلاف الماشية بنسبة تتراوح بين 2% و5%.
الحاجة إلى معايير وطنية
وكشف يگانه أن العمل جارٍ—بالتعاون بين منظمة حماية البيئة وجامعة شهيد بهشتي ووزارة الجهاد الزراعي—على إعداد المعيار الوطني للفحم الحيوي لضمان جودة المنتج قبل طرحه في الأسواق.
مشروع ذو طابع معرفي
وختم بالإشارة إلى أن الجهاز المطوّر تم تسجيله رسميًا كمنتج لشركة معرفية تأسست عام 2023، ويمضي المشروع قُدمًا بفضل دعم قطاع التكنولوجيا والاقتصاد المعرفي في رئاسة الجمهورية، بعد انطلاقه مبدئيًا داخل منتزه العلوم والتكنولوجيا بجامعة شهيد بهشتي.
