لماذا اختارت الصين مدينة هانغتشو لاستضافة الألعاب الآسيوية؟
أفادت وکالة آنا الخباریة، افتتحت الصين دورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو، اليوم السبت، في نسختها الـ19. لم تقدم الصين حفلاً فنياً افتتاحياً طويلاً من حيث المدة، لكنها قدمت حفلاً حمل كثيراً من المعاني والرسائل، تحت عنوان "الناس والجمال والعواطف".
لم يكن اختيار مدينة هانغتشو بسبب جمالها الطبيعي فقط، وإنما تسعى الصين أيضاً، من خلال اختيارها، لتسويق أمور كثيرة، ولإظهار هذه المدينة الغنية للعالم، والتي تشكل جزءاً كبيراً من اقتصاد الصين وقوتها.
لماذا اختارت الصين مدينة هانغتشو؟
بدايةً، اختيار مدينة هانغتشو لحفل الافتتاح لم يكن عبثياً، فالمدينة واحدة من أكبر المدن السياحية في الصين، وهي في صدارة مدن الصين فيما يخص صناعة الحرير، وهي من الأكثر تقدماً فيما يخص الإنترنت والتطور الإلكتروني، وتاريخها يعود إلى 2000 عام قبل الميلاد.
الرحّالة الإيطالي ماركو بولو كان مرّ فيها، ووصفها بـ"جنة الله في الأرض".
مساحة هانغتشو تبلغ 16 ألف كم مربع، وهي واحدة من أكبر المدن في العالم مساحةً. وبدأ تاريخ المدينة عام 598 مع بناء جدار من أجل حمايتها من الغزو العسكري. كانت هانغتشو عاصمة للصين في الفترة بين عامي 907 و978، وهي واحدة من "عواصم الصين السبع القديمة".
تتمتع المدينة اليوم باقتصاد جيد جداً كمدينة صناعية، تضمّ عدداً من الصناعات الخفيفة، مثل الزراعة وصناعة المنسوجات. واقتصاد المدينة يُعَدّ من أسرع الاقتصادات نمواً في البلاد والعالم، من حيث الناتج المحلي الإجمالي.
التاريخ القديم يلتقي الصناعة الحديثة
تاريخياً، كانت مدينة هانغتشو بين الأهم فيما يسمى طريق الحرير، والذي تسعى الصين لإحيائه اليوم. وضمن موقع هانغتشو الساحلي وسيطرتها على القنوات الكبرى البحرية أن تكون محطة تجارية منذ نشأتها. بالإضافة إلى موقعها الجغرافي، فإن زراعة الشاي، واكتشاف دودة القز فيها، والتي يُستخرج منها الحرير، منحاها قيمة مضافة، وهذا ما رُوي في جزء من حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية.
الصناعات في هانغتشو تغيّرت مع الزمن، إلّا أنها ظلت مركزاً للأعمال المتقدمة والمبتكرة.
وعلى الرغم من هذا التطور الحضري السريع جداً، فإنها حافظت على التراث، مُظهرةً التقارب بين المعالم القديمة والتصميم المعاصر المتطور، من حيث الشكل والتخطيط المدني. وحتى المناطق الأكثر تطوراً في منطقة الأعمال المركزية لها أسلوب متميز يعكس تفردها بذكاء.
تُعَدّ التكنولوجيا والإلكترونيات والسياحة والتصنيع والخدمات اللوجستية من العناصر الرئيسة في المشهد التجاري في هانغتشو، في حين أن الصناعات التأسيسية، مثل المنسوجات، لا تزال مساهمة رئيسة في الناتج المحلي الإجمالي.
عندما تمت الموافقة على مناطق التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في عام 1993، فتح هذا الأمر المجال أمام مجمعات التكنولوجيا، وما أصبح يُعرف باسم "وادي السيليكون" في الصين. وكان الدافع وراء ذلك هو زيادة الاستثمار الأجنبي، الأمر الذي أدى إلى حصول مدينة هانغتشو على لقب المدينة الأكثر ازدهاراً في الصين.
هانغتشو الآن موطن لعدد من أكبر شركات التكنولوجيا في البلاد، وحتى لعدد من المنظمات الرائدة في العالم، مثل "علي بابا"، التي تأسست في مدينة هانغتشو، ولا تزال مقرها الرئيس، وهو ما يرمز إلى الإمكانات المذهلة لهذه المدينة المتميزة.
بلغ ناتج المدينة المحلي في عام 2001 نحو 156 مليار يوان، وارتفع في عام 2018 إلى نحو 1.3 تريليون يوان.
بالأرقام.. هانغتشو المدينة المميزة
يقول المثل الصيني: "الجنة في الأعلى، وسوتشو وهانغتشو في الأسفل"، دلالةً على قيمة المدينة.
في هانغتشو مواقع متعددة مدرجة في "اليونسكو" فيما يخص التراث العالمي. تُعَدّ البحيرة الغربية منطقة جذب سياحي شهيرة، بينما تعترف "اليونسكو" بالقناة الكبرى بسبب دورها في تطوير المدينة والبلاد.
هنا بعض النقاط التي تميز هانغتشو:
2200 عام من التاريخ، تعود جذورها إلى أسرة تشين في عام 221 قبل الميلاد.
70.000 دراجة هوائية مشتركة في جميع أنحاء المدينة. تضم أكبر أنظمة مشاركة الدراجات العامة في العالم، ويوجد فيها أكثر من 3000 محطة لإيجارها.
45 دقيقة للسفر إلى شنغهاي عبر السكك الحديدية عالية السرعة. هذا يجعل مدينة هانغتشو واحدة من أكثر المدن اتصالاً في الصين مع روابط مباشرة ببكين ونانجينغ وتشانغشا وغيرها.
في عام 2018، سجلت 1.13 تريليون من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يضمن مكانتها بين أفضل 10 مدن في الصين.
تبلغ مساحة مدينة وتشن 71.19 كيلومتراً مربعاً، وهي إحدى أشهر المدن المائية المحيطة بمنطقة هانغتشو، وفيها قائمة طويلة من الشخصيات الثورية الشهيرة. والهندسة المعمارية المميزة تُعزى جزئياً إلى قربها من نهر اليانغتسى.
خليج هانغتشو
في خليج هانغتشو واحدة من الظواهر الطبيعية الجميلة والخلابة، والتي عرضها حفل افتتاح الألعاب الآسيوية، بحيث يلتقي نهر تشيانتانغ بالبحر، ليخرج ما يعرف بـ "ظاهرة الفورة المدية". وفي هذا الخليج أمواج من الأكثر ارتفاعاً في العالم.
يقع الخليج في بحر الصين الشرقي، ويتألف من عدد من الجزر الصغيرة، تسمى مجتمعة جزر جوشان.
يقع هناك أيضاً جسر هانغتشو، الذي تم ربطه في 14 حزيران/يونيو 2007، وافتُتح في 1 أيار/مايو 2008. ويُعَدّ هذا الجسر، الذي يبلغ طوله 36 كيلومتراً، أطول جسر يعبر المحيط في العالم، ويمتد من خليج هانغتشو إلى بحر الصين الشرقي، ويعبر نهر تشيانتانغ عند دلتا نهر اليانغتسى. كما يساهم الجسر في تقصير المسافة بين شرقي جيجيانغ وشانغهاي من 400 إلى 80 كيلومتراً.