الضربة الصاروخية الروسية.. تصعيد لوقف التصعيد أم تغيير للقواعد؟
امتنعت روسيا منذ بداية الحرب اي قبل أكثر من 7 أشهر عن استهداف البنى التحتية الاوكرانية باعتبارها أهدافا مدنية لكنها ألغت هذا الاستثناء بعد استهداف جسر القرم حيث اعتبرت موسكو في أول تعليق لها على هذا الاستهداف من قبل اوكرانيا وحلفائها إعلان "حرب بلا قواعد"، وبالتالي جاء ردها الثأري شاملا هذه المرة، فهل سيستمر التصعيد الروسي على نفس الوتيرة ام أن موسكو ستكتفي بهذه الضربة التنبيهية؟
الانسحابات المتكررة التي قامت بها القوات الروسية مؤخرا من الجبهات في اوكرانيا دفعت الاخيرة وحلفاءها الى التمادي والتخطيط لاستهداف جسر القرم الذي اشرف عليه بوتين شخصيا وكلف روسيا بلايين الدولارات، وعلى اقل تقدير فالاستهداف اعتُبر إهانة لبوتين شخصيا، وعلى الرغم من ان الغرب كان يتوقع ردة فعل من روسيا إلا انه كان ينتظر نتائج اجتماع بوتين مع مجلس الامن القومي الروسي الاثنين، ولم يتوقع ان يكون الرد سريعا جدا ويسبق الاجتماع حتى، حيث توعد الرئيس الروسي كييف خلال الاجتماع برد صارم وقاس على أي هجمات ضد الأراضي الروسية، مؤكدا استحالة ترك "جرائم نظام كييف" دون رد.
نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف قال ان الضربات على أوكرانيا ليست إلّا "الحلقة الأولى"، داعيا الى انه "يجب أن يكون الهدف هو التفكيك الكامل للنظام السياسي في أوكرانيا"، وهو خروج عن الهدف المعلن رسميا من العملية الروسية في اوكرانيا، لكن بعض المحللين يرون ان هذا التهديد هو كالنووي الروسي يدخل ضمن سياسة ردع اوكرانيا (المدفوعة بالاطلسي) عن تحدي روسيا واستفزازها، لكن في المقابل يرى آخرون ان موسكو قد تمضي نحو العمل على الإطاحة بالحكومة الأوكرانية والسيطرة على كييف، في حال استمر الاستفزاز الغربي.
ولا يستبعد محللون ان تكون هذه الضربات بداية لاستراتيجية روسية جديدة تهدف الضغط على زيلينسكي للقبول بالعودة للمفاوضات مع موسكو، والقبول بما تحقق في المناطق الأربع التي انضمت لروسيا، بعد استفتاءات تقرير المصير فيها نهاية الشهر الماضي.
وفي جميع الأحوال لا يمكن النظر الى تعيين الجنرال سيرغي سوروفيكني قائدا للقوات الروسية في أوكرانيا بأنه من قبيل الصدفة، فهذا يؤكد ان المرحلة القادمة للجيش الروسي في أوكرانيا ستختلف عن سابقاتها وتتطلب جنرالا مثله يملك خبرة عميقة في حرب العصابات والهجمات الصاروخية، وضرب البنى التحتية، بحكم قيادته للقوات الروسية في سورية، وقبلها في الشيشان وطاجيكستان، وانتصاره في هذه المعارك جميعا، واستعادة العديد من المدن والقرى من الجماعات المسلحة.
اليوم تضع روسيا الكرة في ملعب الخصم الغربي وتؤكد له انها ستتحرك وفقا لخطواته القادمة وان استمرار تدخله سيقابله تصعيد قد لاتتحمله كييف، عدا عن ان عامل الوقت ليس في صالح الغرب الذي لن يستطيع الاستمرار في حرب استنزاف مالية وعسكرية، يرافقها عجز كبير في تأمين إمدادات الغاز والنفط، وارتفاع هائل في معدلات التضخم وصفه بيان مشترك لصندوق النقد والبنك الدولي، يوم أمس بـ"القطار الجامح" الذي سيسحق مواطني عشرات الدول حول العالم ومنها الغربية بسبب مخاطر حدوث ركود عالمي حيث يُجبر التضخم المتسارع البنوك المركزية على رفع أسعار الفائدة، مما يعوق النمو.
ويقدر صندوق النقد الدولي خسارة الاقتصاد العالمي بـ 4 تريليونات دولار بسبب أزمات الطاقة والغذاء وارتفاع التضخم والحرب الروسية في أوكرانيا.