السيد السيستاني يبعث رسالة إلى البابا فرنسيس بشأن تضافر الجهود لنبـذ العـنـف والكـراهيـة
أفادت وکالة آنا الإخباریة، وجاء في نص الرسالة...
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الحبر الأعظم البابا فرنسيس رئيس دولة الفاتيكان المحترم
تحية طيبة مع الاحترام والتقدير
وبعد: فقد سرّني كتابكم الكريم الذي بعثتم به إليّ بمناسبة الذكرى الثانية لزيارتـكم التاريخية للعـراق، واللقـاء الـذي جمعني بكـم في النجـف الأشرف، ذلك اللقاء المهمّ الذي أصبح حافزاً للكثيرين من أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية ـ بل ولغيرهم أيضاً ـ للتحلّي بقدرٍ أكبر من التسامح وحسن التعايش مع من يخالفهم في الدين والعقيدة.
لقد أشرتم في رسالتكم الكريمة الى بعض المواضيع التي أكّدنا عليها في ذلك اللقاء الرائع، ومنها أهمية تضافر الجهود في سبيل الترويج لثقافة التعايـش السـلمي ونبـذ العـنـف والكـراهيـة وتثـبيت قيـم التآلـف بيـن الناس، المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين معتنقي مختلف الأديان والاتجاهات الفكرية.
إنني أشارككم الرأي في ضرورة بذل المزيد من الجهود للدفاع عن المضطهدين والمظلومين في مختلف أنحاء العالم، منوّهاً الى أنّ للمآسي التي يعاني منها العديد من الشعوب والفئات العرقية والاجتماعية في أماكن كثيرة في شرق الأرض وغربها ـ نتيجةً لما يمارس ضدّها من الاضطهاد الفكري والديني وقمع الحريات الأساسية وغياب العدالة الاجتماعية ـ دوراً في بروز بعض الحركات المتطرفة التي لا تتورع عن الاعتداء على الآخرين المختلفين معها في الفكر أو العقيدة، وأجد أنّ من المهمّ أن يولي الجميع اهتماماً أكبر برفع هذه المظالم، ويعملوا بما في وسعهم في سبيل تحقيق قدرٍ لائق من العدالة والطمأنينة في مختلف المجتمعات، ومن المؤكّد أنه سيساهم في الحدّ من مظاهر الكراهية والعنف بشكل عام.
ويهمّني أن أشير هنا الى ما سبق التأكيد عليه من الدور الأساس للإيمان بالله تعالى وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب على التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر، وحاجتها الماسّة الى التزوّد بالجوانب الروحية والمعنوية السليمة، والى الحفاظ على كيان الأسرة وقيمها كما فطر الله الإنسان عليها، والى رعاية التقوى التي بها ينال الإنسان الكرامة الإلهية كما ورد في القرآن المجيد (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقد ألهم الله سبحانه النفس البشرية جانباً مهماً منها كما ورد في قوله تعالى: (ونفسٍ وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها).
وختاماً أكرر دعائي وتضرّعي الى الله العلي القدير بأن يلهمنا جميعاً الصواب في القول والعمل، ويتفضّل على البشرية جمعاء من الخير والصلاح والسلام ما يليق برحمته الواسعة وعطائه الذي لا حدود له.
كما أعبّر عن تمنياتي لشخصكم الكريم بالصحة والسلامة والتعافي من العارض الذي ألمّ بكم مؤخراً.