إيران والسعودية.. بين التفريق الأمريكي والجمع الصيني
أفادت وکالة آنا الإخباریة، منذ الامس، وفور الاعلان عن الاتفاق، رحب العالم اجمع به ، بإستثناء "اسرائيل" وامريكا، لاسباب معروفة، فالكيان الاسرائيلي، يستمد قوته وديموميته من الفرقة بين دول المنطقة، ويستشعر بالخطر من تقاربها، اما امريكا، التي تقوم بدور مُشعِل نيران الفتن في المنطقة، ترى ان الاتفاق سيُقبر مخططها، الذي تعكف عليه منذ سنوات، والرامي لعزل ايران عن دول المنطقة.
الاتفاق الايراني السعودي، والذي سيقطع الطريق على الذين يحاولون الاساءة الى العلاقات بين طهران والرياض، والجهات التي تحاول زعزمة امن واستقرر المنطقة، يعود الفضل في نجاحه الى العراق وسلطنة عمان، لاستضافتهما المحادثات التي جرت بين البلدين في العامين ۲۰۲۱ - ۲۰۲۲، وكذلك الى الصين، لاستضافتها ودعمها الحوار الذي جرى بين طهران والرياض في جولته الاخيرة.
ان استضافة بكين للمباحثات السعودية الإيرانية جاءت استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، بدعم الصين لتطوير علاقات حسن الجوار بين ايران والسعودية، فالصين ترى، كما قال كبير دبلوماسييها وانغ يي، في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران نصر للحوار والسلام، ونبأ عظيم في العالم المضطرب حاليا. وشدد على ان الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في عالم اليوم وستظهر تحليها بالمسؤولية بصفتها دولة كبرى.
الدور الذي إضطلعت به الصين، يأتي متناقضا بالمرة مع الدور الامريكي، فالصين تجمع، بينما امريكا تفرق. الصين تخمد النيران، بينما امريكا تفتعلها. الصين تقدم نفسها كوسيط محايد، بينما امريكا منحازة بالكامل لـ"اسرائيل". الصين تعمتد الدبلوماسية كوسيلة في حل الازمات الدولية، بينما امريكا تعمتد القوة العسكرية كوسيلة لفرض ارادتها، وهي قوة لا تساهم في تسوية الازمات فحسب بل تختلقها. الصين حصلت على ثقة دول العالم حتى تلك الحليفة لامريكا، بفضل حكمتها وتعقلها، بينما امريكا فقدت حتى حلفاءها بسبب غدرها وجشعها.
هذا النجاح الكبير للدبلوماسية الصينية، هو الذي دفع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، ان يعلق بغضب وحنق واضحين، على الاتفاق الايراني السعودي الذي رعته الصين، عبر التشكيك فيه، والطعن في الصين، حيث قال: "نحن نرحب بالاتفاق.. إلا انه ينبغي رؤية ما إذا كانت إيران ستفي بالتزاماتها"!.
يبدو ان كيربي نسي او تناسى، ان بلاده، وبعد فضيحة انسحابها من الاتفاق النووي من جانب واحد، تحولت، حتى بين الدول الغربية، وخاصة تلك التي وقعت على الاتفاق ، الى عنوان لعدم الوفاء، وعدم احترام توقيعها على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهو عنوان سيبقى محفورا على جبينها، مهما حاولت اخفاءه.
كيربي وردا على سؤال حول الدور الصيني في المساعدة على جمع السعودية وايران، قال "نحن بالتأكيد نواصل مراقبة الصين فيما تحاول كسب نفوذ وإيجاد موطئ قدم لها في أماكن أخرى في العالم من أجل مصلحتها الضيقة"!، اان رد كيربي هذا لا يعكس فشل السياسة الامريكية فحسب، بل يكشف عن الاحباط الذي تشعر به امريكا من تصدر الصين للواجهة الدولية، بوصفها قوى عظمى، تستخدم نفوذها بشكل ايجابي، لبناء علاقات دولية سليمة قائمة على الاحترم المتبادل، بعيدا عن البلطجة وفرض الارادة، عبر استخدام القوة المجردة.